عقلاؤنا .. ومجانينهم
ملفات متنوعة
لم تعدْ تصرفات أثرياء الغرب (المجانين) مصدرًا لإحراج هواميرنا
(العقلاء)، وتقزيمهم في أعين الناس فحسب.. لكنها أصبحت سببًَا رئيسًا
لإصابتنا بأمراض القلب، وشتّى ألوان الاكتئاب! آخر هذه التصرفات
(الهوجاء) جاءت من (مارك زوكربرج) مؤسس موقع إلكتروني شهير..
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
لم تعدْ تصرفات أثرياء الغرب (المجانين) مصدرًا لإحراج هواميرنا
(العقلاء)، وتقزيمهم في أعين الناس فحسب.. لكنها أصبحت سببًَا رئيسًا
لإصابتنا بأمراض القلب، والشرايين، وشتّى ألوان الاكتئاب! آخر هذه
التصرفات (الهوجاء) جاءت من (مارك زوكربرج) مؤسس الموقع الإلكتروني
الشهير (فيس بوك)، حيث تتناقل الركبان منذ فترة أنه أضحى المجنون
الأمريكي رقم (41) الذي يعلن تبرعه بنصف ثروته لصالح الأعمال
الخيرية.. وبهذا ينضم الشاب البالغ من العمر (26) عامًا فقط، والذي
تُقدّر ثروته بحوالى 7 مليارات دولار، إلى حملة (تعهد العطاء) التي
يقودها اثنان من أكبر أثرياء و(مخابيل) العالم، هما: (بيل جيتس)،
و(وارن بافيت)، اللذان ما فتئا يطالبان الأثرياء بالتبرع بنصف ثرواتهم
للأعمال الخيرية! وهذه بالمناسبة ليست أولى شطحات الطائش (زوكربرج)
الذي اختارته مجلة (تايم) الأمريكية قبل أيام كشخصية العام 2010، فقد
سبق له التهور والتبرع بمبلغ (100) مليون دولار لصالح مدارس في
نيوجيرسي قبل أشهر قليلة!
* وحتى لا أثير ضغينة تجارنا الكرام، وشركاتنا العزيزة التي لم يساهم
بعضها ولو بإصلاح الأرصفة التي تقع عليها فروعها! فسأتوقف هنا عن
الحديث عن (زوكربرج) وعن الحملة الأمريكية المتهورة لعلمي أنها تسبب
لهم (الحموضة)، وحرقة المعدة، ويمكنكم متابعة أخبارها على الإنترنت،
فهي أقوم من ساقٍ على قدم، كما يقول المتهور الأكبر المتنبي..
وسأتحوّل بكم إلى تحقيق تلفزيوني يتحدث عن (عقلاء) العرب، وكيف ينفقون
أموالهم (بلا تبرعات.. بلا بطيخ)! فإن لم يكن الحظ قد أسعدك برؤية
الثياب الألماسية التي قرأت عنها في أساطير ألف ليلة وليلة، فيمكنك
الدخول على رابط في النت لتشاهد مترًا من القماش يُباع بـ(4250)
دينارًا كويتيًّا، أي (53975) ريالاً فقط.. و بحسبة بسيطة: إذا كان
الرجل يحتاج في المتوسط إلى ثلاثة أمتار لصناعة ثوب واحد، فهذا يعني
أن سعر القماش سيصل إلى (161925) ريالاً!
ولك أن تتساءل: كيف، وأين، وبِكَم سيُحاك هذا الثوب العربي الذي يعادل
ثمن قماشه رواتب (4500) شاب من حراس شركات الأمن (السعوديين أبًّا عن
سابع جد)؟!
* إذا كان العقل نعمة.. فالجنون فنون كما يقولون.. ولأن المجتمعات
تتفاوت تبعًا لتفاوت ثقافات أفرادها وقناعاتهم واهتماماتهم، فإن ما
يُضحك مجتمعًا قد يُبكي مجتمعات أخرى.. وما يُعدُّ جنونًا في عرف بلد،
قد يُصنّف على أنه عين العقل في بلاد أخرى.. لذا لا تستغرب -عزيزي
القارئ - إن وجدت أثرياء الغرب يجتمعون لمناقشة أفضل السبل للاستفادة
من ملياراتهم في ما يمكث في الأرض وينفع الإنسان من أعمال الخير.. في
الوقت الذي تدفع فيه مؤسسة عربية (840) مليون ريال لرعاية (ميسّي)
ورفاقه في فريق برشلونة!
* يُقال إن مليارديرًا عربيًّا سمع أن اليابان صنعت سيارة ناطقة، فأصر
على استيراد واحدة.. وكأي عربيّ جُبل على المباهاة ولو بسيارةٍ لم
يصنع منها مسمارًا واحدًا، كان صاحبنا سعيدًا بسيارته التي كانت
تحدّثه عن أحوال الطقس، وأحوال الطريق، والمطبات الصناعية وغير
الصناعية التي تملأ شوارعنا.. غير أن سعادته وصلت ذروتها عندما اصطدم
بعمود إنارة، فأخبرته السيارة أن التلفيات تم إصلاحها عن طريق
الكمبيوتر.. تشجع الرجل وانطلق بسرعة أكبر، فهوت السيارة في أحد
الأودية السحيقة.. وبينما كان صاحبنا يطير بسيارته في الهواء، انتظر
توجيهات سيارته التي قالت له بلسان عربي مبين:
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ
بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}
* متى يلعب جنون العمل الخيري بـ (رأس) المال العربي.. متى؟!
محمد البلادي - كاتب سعودي .
23-12-2010 م