لماذا يهاجم هؤلاء الحجاب؟!
الحجاب يعني العفاف والطهر، ويقطع الطريق أمام إطلاق الشهوات دون ضابط أو رادع ديني أو أخلاقي.
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة - قضايا إسلامية معاصرة -
لم يعد بغض أعداء الإسلام لحجاب المرأة المسلمة بالأمر الذي يخفى على أحد، وهو في الحقيقة بغض وعداء قديم مزمن، مرده وسببه الأول الخوف والهلع من دين الله الإسلام الذي ما زال يكتسح القارة العجوز رغم كل أشكال التضييق والعنصرية التي يمارسها الأوربيون على المسلمين هناك.
لم تتوقف موجات الهجوم على حجاب المرأة في عموم الدول الغربية منذ عقود، وهي في ازدياد مطّرد كمًّا وكيفًا مع كل زيادة في أعداد المسلمين هناك، حتى أضحت ظاهرة حجاب المرأة المسلمة في شوارع أوروبا أشد وقعًا على نفوس أعداء الإسلام من المدافع والرصاص، فتعالت أصواتهم في الهجوم عليه، وتناوبوا في مهاجمته ومحاولة تشويه صورته.
لم يكن غريبًا أن يخرج الهجوم الأعنف على حجاب المرأة المسلمة من قلب العاصمة الفرنسية باريس، فمن المعلوم أن فرنسا من أكثر الدول الغربية عداءً ومحاربةً لحجاب المرأة المسلمة، ومعاركها ضد الحجاب أشهر من نار على علم. فقد هاجمت البرلمانية والوزيرة السابقة في حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي "نادين مورانو" حجاب المرأة المسلمة بشكل عنيف، وزعمت أن وجود المحجبات فى فرنسا أصبح مثل "الإحتلال النازي"، مضيفة: "أن المحجبات والنازيين لن يختلفوا كثيرًا عن بعضهم البعض، فالنازيون أبادوا شعوبًا، والمسلمون يقتلون ويريقون الدماء وهم يردوون لفظ الله"!
وقبل متابعة ترهات هذه الحاقدة على دين الله وحجاب المرأة، لا بد أن نقف عند الأكذوبة الكبرى التي زعمتها: "المسلمون يقتلون ويريقون الدماء..." وهل يمكن لمتابع للأخبار أن يصدق هذا الكلام وهو يرى ويسمع ويقرأ أن معظم وجلّ الدماء التي تسيل في العالم اليوم هي دماء مسلمة، وأن القتلة والنازيون هم في الحقيقة صفويون أو صليبيون أو بوذيون أو...
وكعادة الناقمين على حجاب المرأة في فرنسا والغرب عمومًا، حرضت "مورانو" على اتخاذ موقف قانوني ضد المحجبات أو على الأقل إجبارهن على دفع الغرامات، زاعمة أن الفرنسيين يشعرون أن كثيرًا من مناطق بلادهم لم تعد لهم!!
لم يكن هذا الموقف العنصري غريبًا على "مورانو" وأمثالها، فقد سبق أن اقترحت منع بناء المساجد في فرنسا، كما دعت إلى هدم ما تم بناؤه منها إلى الآن، واصفة هذه الأماكن المخصصة للعبادة بمنابر البغض والكراهية والتطرف.
ويتساءل العاقل الذي يقرأ أو يسمع مثل هذا الكلام: هل هناك نشر للكراهية أشد من كلام الوزيرة بحق حجاب المرأة والمسلمين عمومًا؟! وهل هناك عنصرية و بغض وتطرف أعظم من دعوتها هدم ما تم بناؤه من المساجد؟!
نموذج آخر من خطاب الكراهية والعداء لحجاب المرأة المسلمة يأتي هذه المرأة من قرغيزستان، حيث شن رئيس تلك البلاد "ألمازبيك أتامباييف" هجومًا عنيفًا على الحجاب وادعى أن النساء "يتطرفن ليُصبحن إرهابيات إذا ارتدين زيًا إسلاميًا". وتأتي تصريحات الرئيس بعد عدة أسابيع من الجدل المثار حول اللوحات واللافتات الموضوعة في شوارع العاصمة بيشكيك برعاية الحكومة، والتي تحاول ثني نساء قيرغيزستان عن ارتداء الزيّ الإسلامي، لاسيما الحجاب، والنقاب، قبيل زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى البلاد منتصف يوليو الماضي.
وقال أتامباييف: "عندما نصبنا اللافتات أتى بعض الأذكياء وبدأوا في الإشارة إلى التنانير القصيرة"، وأضاف: "نساؤنا يرتدين التنانير القصيرة منذ الخمسينات، ولم يفكرن أبدًا في ارتداء حزام ناسف"، على حد وصفه.
هي بلا شك محاولة يائسة لتشويه صورة حجاب المرأة المسلمة إعلاميًا، وذلك من خلال ربط الحجاب بما يسمى "الإرهاب"، تمامًا كمحاولة الآلة الإعلامية الغربية والعربية الموالية لها ربط لحية المسلم بالإرهاب، بل ورب "الإرهاب" بكل مسلم سني حتى لو لم يكن له أي مظهر إسلامي بارز.
نعود إلى سؤال المقال الرئيسي: "لماذا يهاجم هؤلاء وأمثالهم حجاب المرأة المسلمة"؟!
والجواب في نقطتين رئيسيتين:
1- لأن الحجاب -كما هو معلوم- فريضة إسلامية، وتعبير ممن تلتزم به من النساء عن امتثالها لأمر الله تعالى، وهو ما يعني أن انتشاره وشيوعه في القارة العجوز وغيرها يمثل انتشارًا لدين الله الإسلام، وهؤلاء وأمثالهم من الليبراليين والعلمانيين واللادينيين بالمعنى الأصح من ألد أعداء الإسلام، ولذلك فهم يهاجمون الحجاب ويحاربونه في كل مكان.
2- لأن الحجاب يعني العفاف والطهر، ويقطع الطريق أمام إطلاق الشهوات دون ضابط أو رادع ديني أو أخلاقي، وهو ما لا يريده الكثير من مدمني الفاحشة ومعتادي الخلاعة والفجور من أبناء ونساء القارة العجوز، وهم لذلك يخشون من انتشار الحجاب، ويعتبرونه السبب الأول لقطع دابر شهواتهم التي لا تنتهي أو تتوقف عند حد.
قد لا تكون هذه هي وحدها الأسباب التي تدفع أمثال من ذكر في هذا التقرير لمهاجمة حجاب المرأة المسلمة ومحاربته، ولكنها بلا شك الأسباب الأهم والأبرز، وهي أسباب قابلة للعلاج إن كان لدى أصحابها قابلية الخروج من عقدة كراهيتهم لدين الله، والتخلص من أسر انقيادهم للشهوات.
د. زياد الشامي