الحلقة (7): أنواع الشرك ونواقض الإسلام
أبو الهيثم محمد درويش
الشرك الأكبر هو هو اتخاذ العبد من دون الله ندًا يسويه برب العالمين يحبه كحب الله ويخشاه كخشية الله
- التصنيفات: التوحيد وأنواعه -
يجب على كل مسلم أن يجتنب الشرك بأنواعه لأنه يهدم كل عمل مهما كبر، لذا وجب على المسلم تعلم أنواع الشرك ونواقض الإسلام التي تتسبب في حبوط عمله يوم القيامة كما يتسبب الشرك الأكبر ونواقض الإسلام في خروجه من دائرة الإسلام في الدنيا (إذا توافرت الشروط: كالعقل والبلوغ... إلخ، وامتنعت الموانع: الجنون أو الخطأ أو النسيان... إلخ). وهنا يقضي القاضي الشرعي بهذا الحكم، ولا يصح أن يتسرع أحد في الحكم على غيره؛ بل يبادر بنصحه وإخراجه مما هو فيه كما ينبغي للعبد أن يكون حريصًا على دينه حريصًا على عدم انتقاض إيمانه بغض النظر عن حكم الناس عليه؛ فحكم الله أولى أن يوضع في الاعتبار.
قال العلامة حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله:
س46: ما هو الشرك الأكبر؟
ج: هو اتخاذ العبد من دون الله ندًا يسويه برب العالمين يحبه كحب الله ويخشاه كخشية الله ويلتجئ إليه ويدعوه ويخافه ويرجوه ويرغب إليه ويتوكل عليه أو يطيعه في معصية الله أو يتبعه على غير مرضاة الله وغير ذلك.
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء:116].
وقال تعالى: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72].
وقال تعالى: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31] وغير ذلك من الآيات.
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا» وهو في الصحيحين.
ويستوي في الخروج بهذا الشرك عن الدين المجاهر به ككفار قريش وغيرهم، والمبطن له كالمنافقين المخادعين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:145، 146]، وغير ذلك من الآيات.
س47: ما هو الشرك الأصغر؟
ج: هو يسير الرياء الداخل في تحسين العمل المراد به الله تعالى.
قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، فسئل عنه فقال: «الرياء». ثم فسره بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه» حديث حسن (صحيح الجامع:2607).
ومن ذلك الحلف بغير الله كالحلف بالآباء والأنداد والكعبة والأمانة وغيرها. قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد» (صحيح الجامع:7249).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تقولوا والكعبة ولكن قولوا ورب الكعبة» (السلسلة الصحيحة:1/263).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تحلفوا إلا بالله» (التعليقات الرضية للألباني:542/2).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا» (سنن أبي داوود:3253).
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» (السلسلة الصحيحة:5/69)، وفي رواية: «وأشرك».
ومنه قول: ما شاء الله وشئت. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للذي قال له ذلك: «أجعلتني للهِ ندًّا قلْ ما شاء اللهُ وحدَه» (مجموع فتاوى ابن باز:50/7).
ومنه قول: لولا الله وأنت، وما لي إلا الله وأنت، وأنا داخل على الله وعليك، ونحو ذلك.
قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان» (سنن أبي داوود:4980).
قال أهل العلم: "ويجوز لولا الله ثم فلان، ولا يجوز لولا الله وفلان".
نواقض الإسلام:
قال العلامة عبد العزيز بن باز رئيس الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالسعودية رحمه الله عن نواقض الإسلام:
نذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز؛ لتحذرها وتحذر منها غيرك، رجاء السلامة والعافية منها، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها:
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72]، ومن ذلك دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر.
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعًا.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9].
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65، 66].
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:102].
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم -كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام- فهو كافر؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].
العاشر: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة:22].
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطرًا، وأكثر ما يكون وقوعا.
فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله.
ويدخل في القسم الرابع: من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببًا في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه، دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى، ويدخل في الرابع أيضا من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، ويدخل في ذلك أيضا كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعًا، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كالزنا، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله - فهو كافر بإجماع المسلمين.
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم، إنه سميع قريب. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.