إسلاميون جاهليون!
يا معشر الإسلاميين، احذروا من هذه التيارات الجاهلية التي تفرغ الإسلام من مضمونه
تمتلئ الساحة العربية والإسلامية بالكثير من التيارات والشخصيات التي تدعي انبثاق أفكارها من المرجعية الإسلامية وهي أبعد ما تكون عن روح الإسلام الحقيقية، فكل يدعي وصلاً بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاك، ذلك أن الإسلام في جوهره منظومةٌ قيميةٌ أخلاقية إنسانية راقية، فهو دين الرحمة والحرية والعدل والشورى، ولكن ويا للأسف نجد من بيننا معشر الإسلاميين من يفرغ ذاك الدين الراقي من جوهره الإنساني، ولسنا هنا في معرض الحديث عن الفرق المنحرفة كالشيعة مثلاً، ولكننا في معرض الحديث عن تيارات محسوبة على أهل السنة والجماعة ! وهم أبعد ما يكونوا عن فهم القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.
وأول هذه التيارات هم المرجئة الجدد، أولئك الذين ارتضوا أن يكونوا عبيداً للحكام الطواغيت، وارتضوا أن يكونوا حاشية لهم، بل وحرفوا وبدلوا دين الله ليتناسب مع أهواء الطواغيت والمستبدين، هولاء الذين اتخذوا موقف الاستسلام للطغاة بدعوى شرعية الحاكم المتغلب بالسيف متناسين بذلك أنها مسألة اجتهادية وليست من المعلوم من الدين بالضرورة، بل حتى أكثر الفقهاء والعلماء القدامى الذين شرعوا لتلك المسألة وضعوا لها شروطاً لا تتوافر بالمطلق في الطواغيت المعاصرين، فهولاء وبال على الإسلام وأهله، فالدين الذي جوهره الحرية والشورى قد أضحى في أذهانهم طقوس مفرغة من مضمونها، ولحى خانعة للظلم والطغيان، وعمائم لا تنحنى إلا للطواغيت والمستبدين!.
هولاء قدموا لأعداء الإسلام أعظم خدمة في تفريغ الإسلام من جوهره الإنساني الأخلاقي، ومنحوا لأعداء الإسلام فرصة التطاول عليه بالقول أنه "أفيون الشعوب" على أساس أنه دين يعزز الخنوع والخضوع لكل من هب ودب من أصحاب القوة والغلبة، وهذا مخالف لجوهر الإسلام وحقيقته، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَام َإِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ» رواه (الحاكم: 3/215) و(صححه الألباني: 374) ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟، فقال: «كلمة حق عند سلطان جائر» . رواه (النسائي: 7/161)، و (ابن ماجه: 4011)، و(أحمد: 18850) ،وصححه ( الألباني: 491)، وكم من السلف الصالح ثار في وجه الظلم والطغيان من أمثال الحسين بن علي وسعيد بن جبير وغيرهم كثير.
أما التيار الثاني فهم الخوارج الجدد، أولئك الذين فهموا أطروحات الشهيد (بإذن الله ) سيد قطب أسوأ فهم، و أطلقوا أحكام التكفير بالجملة، بل وقتلوا وأعدموا كل من يخالفهم، هولاء وإن كان ظهورهم رد فعل على المرجئة الجدد فهم يتساوون معهم في شرهم وتشويههم للإسلام، بل إن خدمتهم لأعداء الإسلام تفوق المذكورين أنفاً، ذلك لأنهم يشكلون مادة دسمة للإعلام الغربي لكي يقول للشعوب الغربية "أنظروا هذا هو الإسلام... ذبح وإعدام ودموية" فتنخدع الشعوب الغربية بهذا الخطاب وتظن أن ذلك الإجرام هو الإسلام، ولو فطن هولاء لحقيقة الإسلام لما ارتكبوا كل تلك الجرائم، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بعثته إلا رحمة للعالمين، وهو الذي أمرنا أن نكون مبشرين لا منفرين، وتاريخنا الإسلامي يشهد بأن فتوحاتنا كانت رحمة للبشر وتحريراً لهم من ذل العبودية لكسرى وقيصر، فأين هولاء من المسلمين الأوائل الذين أمتلكوا القوة في أيديهم وملأت قلوبهم الرحمة ليهدي الله بهم شعوب الأرض قاطبة؟!
يا معشر الإسلاميين، احذروا من هذه التيارات الجاهلية التي تفرغ الإسلام من مضمونه وأجمل ما فيه من قيم إنسانية، علموا أبنائكم أن دم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة، علموهم أن نبينا لم يبعث إلا ليتمم مكارم الأخلاق، وأنه لم يكن إلا رحمة للعالمين، أغرسوا فيهم كل معانى الحرية والتحرر والأنفة من الذل والاستبداد، فشهادة ألا إله إلا الله هي جوهر الحرية والتحرر من العبودية لغيره سبحانه، هذا هو ديننا الذي يريد الأدعياء تشويهه فلا تتركوا لهم الفرصة.
- التصنيف: