لقاء مع شيخ الأزهر حول السلفية
البعض من السلفيين صاروا وصمة عار فى جبين السلفية عندما مارسوا السياسة الحزبية الميكيافيليه.
جمعني وشيخ الأزهر لقاء فى مكتبه بمشيخة الأزهر، وكان الكلام حول السلفية لإزالة اللبس وتوضيح المفاهيم، وكان ذلك بحضرة بعض إخوة الاسكندرية منذ قرابة الأربع سنوات، كنت أتحدث وكان يسمع ويستفهم أحيانًا، وخرجنا من اللقاء وقد أظهر الإعجاب والاستحسان، ولاحظ ذلك كل الحاضرين يومها.
كنت أعلم أنه صوفي صاحب طريقة، وأنه أشعرى العقيدة، وقد أوضحت له معنى السلفية ونشأتها وأصولها وأهدافها وانتشارها باختصار شديد، وكان مما أوضحته له أن السلف هم الصحابة ومن تابعهم من سائر قرون الخيرية وأئمة الدين العدول، وأن السلفيين من تابعوهم على هذا الفهم إلى يومنا هذا من أهل السنة والجماعة
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106]. قال العلماء تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدع والإختلاف. وقد أثنى الله على الصحابة فقال { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُ النَّاسِ قَرني، ثمَّ الَّذين يَلونَهم، ثمَّ الَّذين يَلونَهم» (صحيح البخاري).
وقال بن مسعود: "كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا".
وأن الواجب علينا جميعًا أن نكون على مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحابته الكرام علمًا وعملًا واعتقادًا. وبالتالي فالسلفية هى طريقة فهم الإسلام فهمًا صحيحًا، وإلا فالشيعة والخوارج والمعتزلة وغيرهم يزعمون أنهم على الكتاب والسنة، وما الحق إلا واحد. فاعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه، واسلك طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
فنحن نرجع للكتاب والسنة بفهم أعلم الناس بالكتاب والسنة، بفهم علماء الأمة المعتبرين كالصحابة ومن تابعهم بإحسان، كالأئمة الأربعة والسفيانين وابن المبارك وابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم. ورغم اختلاف اجتهاداتهم الفقهية إلا أن عقيدتهم واحدة، وهم من أهل السنة والجماعة، فعقيدة الإمام أبى حنيفة النعمان هي عقيدة سائر الأئمة الأعلام.
أوضحت أن الصوفية منهم غلاة وملاحدة كابن عربي وابن سبعين، ومنهم موسوية المحمدية وعيسوية المحمدية، ومنهم من طريقته مقيدة بالكتاب والسنة كالجيلاني والجنيد.
أوضحت له أننا دعوة سلمية علنية ترفض العنف الأهوج، وأننا كنا وما زلنا نرد على غلاة التكفير، ولم ننخرط في السياسة الحزبية بخلاف غير الشرعية، ونهتم بتربية الأفراد على الكتاب والسنة، ولنا مساجدنا الكثيرة المنتشرة فى ربوع مصر. وبالتالي فأبناء الدعوة أعدادهم غفيرة، وأننا نقيم الدورات العلمية، وأنشأنا معهدًا وأصدرنا مجلة وعدة نشرات، وأن الدعوة ظهرت فى الجامعة مع مطلع السبعينيات من القرن الماضي وانتشرت بفضل الله هنا وهناك.
وانتهى اللقاء على خير وأعرب عن سعادته وتمنيه بتكرار اللقاء.
ومرت الأيام ويشارك شيخ الأزهر فى مؤتمر الشيشان الذى أخرج جموع السلفيين من دائرة أهل السنة والجماعة، وقصر هذه الدائرة على الأشاعرة والماتريدية. مؤتمر مشبوه من حيث الزمان والمكان والرواد والكلمات، فأبو الحسن الأشعري كان معتزليًا على عقيدة زوج أمه أبو علي الجبائي، ثم انتقل وأسس الأشعرية، ثم تركها وصار على عقيدة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، وألف كتاب الإبانة وكتاب مقالات الإسلاميين. استمر البعض على عقيدة الأشعرية يخالفون أهل السنة في الأسماء والصفات وغيرها من المسائل، بل ويخالفون إمامهم الأشعري، وكما ادعى الشيعة والخوارج والمعتزلة كذلك ادعى الماتريدية والأشاعرة أنهم أهل السنة ومن خالفهم كالسلفين وغيرهم فهم خارج هذه الدائرة.
نعم البعض من السلفيين صاروا وصمة عار فى جبين السلفية عندما مارسوا السياسة الحزبية الميكيافيليه فشاركوا فى سفك دماء إخوانهم من أهل السنة، وصار الولاء والبراء عندهم على الدنيا ليس لله فيه نصيب، نسوا العقيدة والشريعة وصار منهجهم المصالح المتوهمة والمعلومات المستقاة من المصادر المشبوهة، تراهم كالنعامة مع كل ملحد كفار وكالأسد الهصور على إخوانهم من أهل السنة. إذا كانت هذه هي سياسة البعض، إلا أن جموع السلفيين مازالوا بخير، يعلمون الحق ويرحمون الخلق.
شعبنا في جملته ينسب لأهل السنة حتى وإن ترك الحكم الشيعي أثره في البعض، أو ظهرت فيه بعض المخالفات، ولذلك يذكر دائمًا فى مقابلة الشيعة.
رد الله الجميع إلى الحق ردًا جميلًا.
- التصنيف: