وإذا بطشتم بطشتم جبارين
سعيد عبد العظيم
ففينا أوفر الحظ والنصيب من قوله تعالى {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء:130] قالها نبي الله هود عليه السلام لقومه عاد، وكانوا من العماليق العتاة الكفرة المتجبرين في الأرض، وهم الذين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ } [فصلت من الآية:15] والحفريات والآثار تثبت مدى ضخامة الأجسام، بحيث لا يصل أكبر أحد منا مقدار عنق أحدهم فضلا عن ذراعه وساقه.
- التصنيفات: الواقع المعاصر - الولاء والبراء -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
ففينا أوفر الحظ والنصيب من قوله تعالى {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء:130] قالها نبي الله هود عليه السلام لقومه عاد، وكانوا من العماليق العتاة الكفرة المتجبرين في الأرض، وهم الذين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ } [فصلت من الآية:15] والحفريات والآثار تثبت مدى ضخامة الأجسام، بحيث لا يصل أكبر أحد منا مقدار عنق أحدهم فضلا عن ذراعه وساقه.
وقد اتخذوا الحصون والأبنية والقصور المشيدة، أنشأوا حضارة بمصطلح العصر، ولكن على غير منهاج النبوة، وكانوا إذا ضربوا ضربوا بالسياط ضرب الجبارين، وإذا عاقبوا قتلوا، وإنما أنكر عليهم ذلك لأنه صدر عن ظلم وعلى الغضب، إذ لو ضربوا بالسيف أو بالسوط في جور ما لحقتهم المذمة ولا الملامة.
ما انتفعوا بوعظ ولا تذكير، بل تمادوا في غيهم وضلالهم قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء:8-9].
وكان هلاكهم بريح صرصر عاتية {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ} [الحاقة:7-8].
وجاء ذكر فرعون في هذه السورة بعد قصة قوم عاد: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ . فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً} وذلك للتشابه في الكفر والطغيان والجبروت، ففرعون قد ادعى الربوبية والألوهية وقال: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر من الآية:29] وقال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ } [الزخرف من الآية:51] وبطش ببني إسرائيل، قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4].
وقد أهلك سبحانه فرعون فغرق، لم نتعظ عندما سلكنا مسالك الطغاة المتجبرين، لا أقول انظر ما يحدث في الشيشان وبورما وكشمير والصين.. بل ما يحدث للمسلمين في سوريا ومصر والعراق.. بل وعلى أيدي بعض المنتسبين لملتهم من قتل وتشريد واغتصاب وحرق وترويع وكفر بالله وصد عن سبيل الله مما لا يقل عن فعل اليهود والنصارى والملاحدة بهذه الأمة، وبعض المحسوبين على الإسلام لهم أوفر الحظ والنصيب من قوله تعالى:{لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ} [التوبة من الآية:10] ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَضبٍّ تبعتُمُوهم». قلنا: "يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى؟" قال: «فمَنْ». (صحيح البخاري [7320]).
وفى الحديث: «صِنْفَانِ من أهلِ النارِ لمْ أَرَهُما بَعْدُ: قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ الناسَ بِها، ونِساءٌ كَاسِياتٌ عَارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلَنَّ الجنةَ، ولا يَجِدَنَّ رِيحَها، وإِنَّ رِيحَها لَيوجَدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا» (صحيح الجامع [3799])، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والشرع لا يفرق بين المتساويين ولا يساوى بين المختلفين.
لا تنزع الرحمة إلا من شقي، ولذلك نقطع بأن هلاك الطغاة المتجبرين محقق بإذن الله إن لم يتوبوا،
نحذر أشد التحذير هؤلاء الذين يؤيدون هؤلاء الطغاة المتجبرين، ويصطفون خلفهم، ويباركون أفعالهم، ويبررون قتل المسلمين وانتهاك أعراضهم، فليسوا بمنأى ولا مأمن من عذاب الدنيا وخزى الآخرة {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص من الآية:8].
قُتل صاحب يس دون وجه حق، فقال سبحانه عن قومه: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ . إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس:28-29].
بل قُتلت ناقة صالح، عقرها قدار بن سالف برضى قومه، وقال سبحانه: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا . وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس:14-15].
كيف يكون المسلم حربا على أولياء الله سلما لأعدائه؟!!!
وكيف يرضى بذلك مسلم درس التوحيد وعلم أن العقيدة أهم شيء في الوجود؟!!!
وكيف يبرر الاغتصاب و المَثٌلة وتحريق المسلمين وقتلهم دون وجه حق؟!!!
قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [الأنبياء:108].
رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا.
ونحن في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك أهتف بالحكام والمحكومين :
البدار البدار إلى التوبة قبل حلول النقمة، عساها ترد ما قد يرد، فإن البر لا يبلى والذنب لا يُنسى، والديان لا ينام
{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ} [الشورى من الآية:47].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.