علماء المسلمين يقولون لا للانفصال
ملفات متنوعة
صدع علماء المسلمين قبل أيام قليلة من الاستفتاء على تحديد مصير جنوب
السودان, بكلمة الحق قوية مؤكدين حرمة الانفصال بل حرمة إقامة
الاستفتاء نفسه, وردوا على مزاعم احترام العهود والمواثيق, وأوضح
هؤلاء العلماء بشكل واضح الادلة التي استندوا إليها..
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
صدع علماء المسلمين قبل أيام قليلة من الاستفتاء على تحديد مصير جنوب
السودان, بكلمة الحق قوية مؤكدين حرمة الانفصال بل حرمة إقامة
الاستفتاء نفسه, وردوا على مزاعم احترام العهود والمواثيق, وأوضح
هؤلاء العلماء بشكل واضح الادلة التي استندوا إليها من الكتاب والسنة,
في وقت مارست فيه الإدارة الامريكية سياستها في تشجيع الجنوبيين على
الانفصال مشيرة الى استعدادها لارسال سفير للجنوب حال الانفصال وتقديم
الدعم له في كافة الاوجه.
لقد استسلم الساسة فيما يبدو لخيار الانفصال رغم علمهم بخطورته على
السودان بشكل خاص وعلى العالم العربي والإسلامي بشكل عام, إلا أن
العلماء وقفوا بالمرصاد لهذا الخيار وبينوا ما فيه من محاذير, وطالب
أكثر من 60 من هؤلاء العلماء من السعودية ومصر واليمن ولبنان
وموريتانيا وتركيا ونيجيريا والسودان والأردن وفلسطين وطاجستان
وماليزيا وأفغانستان وباكستان والمغرب وليبيا مصر, الشعب السوداني
بتضافر الجهود لتوحيد جنوب السودان مع شماله وإفشال مخطط الانفصال
المُعد من قِبَل الاستعمار الذي تروِّج له جهات وشخصيات تقدم تطلعاتها
الشخصية على مصالح الأمة.
وقالوا في بيان لهم: إن قضية جنوب السودان ليست مسألة حرب أهلية،
ولكنها مؤامرة عالمية لإقصاء العروبة والإسلام، تغذيها جهات كثيرة
إقليمية ودولية، في مقدمتها الصهيونية والصليبية العالمية، ولا تستهدف
السودان وحده، باعتبار جنوب السودان هو بوابة الإسلام والعروبة إلى
إفريقيا, وذكّر العلماء بما تمَّت التوصية به في المؤتمر الإرسالي
العالمي بأدنبرة عام 1910م: "إنّ أول ما يتطلب العمل إذا كانت إفريقيا
ستكسب لمصلحة المسيح أن نقذف بقوة تنصيريّة قويّة في قلب إفريقيا لمنع
تقدّم الإسلام". وأوضح العلماء أن هذا الكلام يكشف بوضوح لماذا تتجه
القوى العالمية إلى التجمع والتوحد بشتى صور الوحدة، في الوقت الذي
تضغط فيه- وبقوة- باتجاه تفتيت الأمة العربية والإسلامية، وتدعم بكل
الوسائل حركات التمرد والانفصال، كما حدث مع أقل من مليون من
الكاثوليك في تيمور الشرقية، وكما يجري الآن في جنوب السودان، وربما
يحدث غدًا في دارفور، والبقية تأتي في سائر أنحاء أمتنا، ما لم ينتبه
أولو العقل وأهل الرأي، وقادة الأمة، ويأخذوا بأيديهم زمام القرار
الذي يصنع حاضرهم، ويصوغ مستقبلهم.
كما أصدرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان فتوى أكدت بطلان
مبدأ الاستفتاء، وقالت إنه "لا يحمل أي قيمة شرعية" وطالبت حكومة
الخرطوم بتطبيق الشريعة الإسلامية "دون الأخذ بعين الاعتبار ما يقرره
الجنوبيون", واضافت الرابطة :إن على الحكومة أن تعي وجود "مخطط يهودي
صليبي لتقسيم البلاد إلى خمس دويلات هزيلة بمساعدة المتحالفين من
أذنابهم بالداخل." وأوضحت الرابطة تحريم التنازل أي عن جزء من أرض
السودان التي هي ملك للأمة الإسلامية، وقالت:"إن المساعدة على
الانفصال حرام شرعاً وذلك بتخلي المسلمين عن إخوتهم المسلمين
بالجنوب".
وطالبت الرابطة بأن يحوي الدستور السوداني نصاً صريحاً على أن القرآن
والسنة النبوية وما يتبعهما من أدلة شرعية مصدر ومبدأ للتشريع، ورأى
رئيس اللجنة الشرعية بالرابطة؛ د. محمد عبد الكريم ، أن المطالبة
بإلغاء حد الجلد والمواد المتعلقة بالأعمال الفاضحة، والدفاع المستميت
عن الفتاة التي جلدت؛ محاولات لضرب الاتجاهات المدافعة عن الشريعة
الإسلامية، وأكد أن إضعاف حكومة الشمال عقب الانفصال مؤامرة تدبرها
أجهزة مخابرات إسرائيل (الموساد)، وأمريكا (CIA) وفرنسا.
كما أفتى الشيخ يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين بعدم جواز
تصويت المسلمين في جنوب السودان لصالح الانفصال عن شماله, مطالباً
المسلمين والعرب بالتكاتف وإنشاء كيان كبير يوحدهم ويلم شملهم, وقال
القرضاوي:"لا يجوز للمسلم السوداني أن يصوت لصالح الانفصال.. لأن
الانفصال دائماً وراءه الشر والآن الغرب في عالم الاتحاد والتكتل..
ونحن في عالم يتشرذم للأسف.. السودان هذا البلد الكبير عليه مكائد لا
تريد للسودان أن يبقى"، موضحاً أن انفصال السودان يقف وراءه بعض الدول
الغربية والأمريكان بهدف تمزيق وحدة العالم الإسلامي، وقال:"الآن
الجنوب ثم تأتي دارفور.. الغرب يريد الانفصال وأن تتقسم البلاد.. وهذا
أخطر ولا ينبغي أن نقر أي انفصال في أي بلد".
أما الدكتور صلاح الدين سلطان فبين الأدلة الشرعية التي تبطل
الاستفتاء من اساسه, وهي أولاً: "إن هذا الاستفتاء أكرهت عليه الحكومة
السودانية، وفي الحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا
عليه". فالضغوط التي أحاطت بهذا الوعد، جعلته وعدا غير ملزم، فإنهم
نقضوا عهدهم مرارًا، واستعدوا للحرب تكرارًا، وإذا نقضوا عهدهم فمن
حقنا أن ننقض العهد، كما حدث في صلح الحديبية، اتفق قوم من قريش مع
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمجرد أن سلطت قريش بني بكر أن يقتلوا
اثنين من بني خزاعة، وهم حلفاء النبي وكانوا غير مسلمين، أنهى النبي
المعاهدة، وأعلن الحرب ودخل مكة فاتحًا. فبالنسبة للحكومة من حقها أن
تلغي هذا الاستفتاء، بل من واجبها، ومن واجب كل مسلم ألا يصوت
للانفصال، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:141].
ثانيا: إن الله تبارك وتعالى أمرنا أن ندافع عن أرضنا، وأن ندافع عن
أرض الإسلام والمسلمين، فهذه أرض إسلامية كيف نحولها إلى أرض غير
إسلامية؟!. الله تبارك وتعالى يقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ
أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}
[الممتحنة:8].
فهؤلاء يخرجون أرض الإسلام من دائرة الحكم الإسلامي، وأقول: إن النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما قال: " من ولي من أمر المسلمين شيئاً
فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله "
وفي رواية: " من ولَّى رجلاً على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو
أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين" رواه الحاكم في
صحيحه". مؤكدا أن التصويت للانفصال هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.
لقد قال علماء الأمة كلمتهم وبقي على الساسة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل
أن يندموا في وقت لا ينفع فيه الندم.
3/2/1432 هـ