الغرباء الجدد
يعيش القابضون على الجمر في هذه الأيام محنةً صلعاء، تدعُ الحليم حيراناً، محنةً لا يشعرُ بجسامتها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، محنةً لا يشعر بها أهل الكرة والغناء والمال والأبناء وإن ادعوا أنهم يموتون كمداً...
يعيش القابضون على الجمر في هذه الأيام محنةً صلعاء، تدعُ الحليم
حيراناً، محنةً لا يشعرُ بجسامتها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع
وهو شهيد، محنةً لا يشعر بها أهل الكرة والغناء والمال والأبناء وإن
ادعوا أنهم يموتون كمداً، محنةً بلغت مرارتها المدى حتى صارت اللقمة
مرة، محنةُ القابضين على الجمر اليوم ربما لا يكاد لا يعرف لها تاريخ
المسلمين نظيراً.
محنة اليوم هي محنة الغربة الثانية فطوبى ثم طوبى للغرباء، محنة
اليوم لا يشبهها من محن السابقين شيئاً كيف لا وقد بلغ من جسامتها ما
لا يخفى على ذي عينين.
محنة اليوم لو لم يعتصم فيها الغريب بكتاب الله يتدبره صباح مساء، لو
لم يفعل الغريب ذلك فربما مات قهرا.
القابضون على الجمر اليوم الغرباء الذين يتلفتون حولهم فيعيشون ذهول
فتية أهل الكهف حين خرجوا بعد ثلاثمائة عام ونيف فأنكروا الناس
وأنكرهم الناس.
يتلفت الفتية الذين آمنوا بربهم اليوم حولهم فينكرون الناس وينكرهم
الناس، ويتلفت القابضون على الجمر الغرباء اليوم فيستعيذون بالله من
قهر الرجال، نعم ليس في الدنيا أشدَ مرارةً ولا أشنعَ ولا أبشعَ من أن
يقهر الرجال الأحرار.
صار الإسلام غريباً في بلادنا وصار من يتمسكُ بشعائره وتعاليمِه
أصولياً إرهابياً ومتزمتاً صار المنكرُ معروفا والمعروفُ منكرا، صار
التدينُ جريمة والالتزام سبة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
يتلفت الفتيةُ الذين آمنوا بربهم اليومَ فإذا الزمانُ غير الزمان
والناسُ غير الناس والدينُ غير الدين.
يكاد الغرباءُ الجددُ اليوم أن يموتوا من القهر وهم يرون بأم أعينهم
ويسمعون بآذانهم ما قد يشيبُ من هوله الولدان.
الغرباء الجدد يعيشون زماناً صار فيه الربا فائدة والاختلاط مدنية
وحضارة، والزنا صداقة، والتبرج فريضة، والردة حرية وحين يسمعون
حيثياتِ إغلاق الفضائيات الدينية بينما فضائيات الزنا والخنا والكرة
تقود الناس إلى الهاوية، وإن من أعظم ما يفتت كبد الحر اليوم هم
الرويبضات الذين فاقت أعدادهم الحصر وفاقت جرأتهم على دين الله
التصور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
إنها ستأتي على الناس
سنون خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن
ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال:
السفيه يتكلم في أمر العامة
».
إخواني الغرباء لا شك أن كلَ مسلم ٍغيور يعيش اليوم محنة تكاد تفسد
عليه طعامه وشرابه ولا شك أن المحنة لا تحتاج إلى توضيح ولا تصريح فقد
طالت كل شيء ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحالة هذه، فإن أهل الإيمان
اليوم ومن باب أن المؤمن خلق مفتناً نسياً إذا ذكر ذكر، ومن باب تسلية
الغرباء الجدد، فإن الذي نحتاجه اليوم هو أن نتداوى من أعراض هذه
المحنة حتى لا يقعدنا اليأس ويهزمنا الإحباط، وليس هناك أنفعُ ولا
أنجعُ من التداوي بالقرآن والسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه في المحن واستعادة التاريخ المجيد وإعادة قراءة أيام هذه
الأمة، الأمة المجيدة التي حكمت الدنيا أكثر من ألف عام حتى بلغ من
عزتها أن خليفتها يكلم سحابة وهو على المنبر، وبلغ من قوتها أن
معتصمها يجيش جيشاً لأجل امرأة مسلمة فيفتح به عمورية.
إخواني الغرباء حين تشتد وطأةُ الغربةِ وحين تطالعك على الشاشات أو
في الجرائد هذه الوجوه التي ليس فيها ذرة حياء وحين تسمعهم وهم يبدلون
دين الله وينكرون المعلوم من الدين بالضرورة ويمسخون الثوابت، حين ترى
الوفود تقدم القرابين وفروض الولاء والطاعة للحاكم بأمره في مقره
الكائن بدولة العباسية وتتمنى له الرضا لكي يرضى ولكن نيافته غير راض،
حين يتم تسخير كل إمكانيات الدولة المسلمة لاسترضاء شنودة، وحين يضرب
شيخ الأزهر ووزير الأوقاف والمفتى وكل رموز الدولة ولا يحرك أحد
ساكناً وحين يتخفي المرء بإسلامه في مصر ويشهر المرتد ردته بلا خوف،
حين يقهرك ذلك يومياً فلا عليك إلا أن تفزع إلى كتاب الله عز وجل
تتسلى به وتتقوى به وتتداوى به حتى يأتي أمر الله.
طالع قصةَ يوسفَ عليه السلام، ألقوه في الجب، تركوه في الصحراء،
حرموه من والديه، جعلوه رقيقاً، دخل السجن ثم ماذا بعد هذا؟
انظر إلى قصة أم موسى، تدبرها من جديد، تخيل مطلوب منك أن تضع ولدك
وثمرة فؤادِك في سلة وتلقيه في البحر وتنصرف يالها من محنة فماذا كان
المآل؟
انظر إلى هاجر وحيدة فريدة في صحراء قاحلة مرعبة ليس هذا فحسب بل
وهاهو وليدُها يعانى سكراتَ الموتِ جوعاً وعطشاً، آلله أمرك بهذا؟ إذن
لن يضيعَنا؟ انظر إلى قصة بني إسرائيل سامهم فرعون سوءَ العذاب استحيا
نساءهم وذبح أبناءهم فماذا كانت النهاية.
{وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟
يُسْتَضْعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلْأَرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِى
بَـٰرَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ
بَنِىٓ إِسْرَاءِيلَ بِمَا صَبَرُوا۟ ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ
يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُۥ وَمَا كَانُوا۟ يَعْرِشُونَ
} [ألأعراف:137].
اسمع قول الله تعالى:
{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌۭ
فَسِيرُوا۟ في ٱلْأَرْضِ فَٱنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ
ٱلْمُكَذِّبِينَ. هَـٰذَا بَيَانٌۭ لِّلنَّاسِ وَهُدًۭى وَمَوْعِظَةٌۭ
لِّلْمُتَّقِينَ. وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ
ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌۭ
فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌۭ مِّثْلُهُۥ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوا۟ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ
ٱلظَّـٰلِمِينَ} [آل عمران:
137-140].
وقوله عز وجل:
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ
ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا۟ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ
إِيمَـٰنًۭا وَقَالُوا۟ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ .
فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍۢ لَّمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌۭ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضْوَٰنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ
ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:173-
175].
وقوله سبحانه:
{مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ
ٱلطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ
وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُ ۖ
فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا۟
وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌۭ
} [آل عمران:179].
أيها الغرباء الجدد تذكروا الغرباء الأولين في مكة لا حول لهم ولا
قوة إلا بالله، قلة مستضعفة يخافون أن يتخطفهم الناس، تذكروهم في بدر
حين نصرهم الله وهم أذلة، وتذكروهم في أحد حين هزمتهم مخالفة واحدة،
وهذه هي الحالقة، وتلكم هي الحكاية، هي المخالفات منها أوتينا، وبها
خُذلنا، تذكروا حين دبت الفوضى في جيش المسلمين وكسرت رباعية النبي
صلى الله عليه وسلم وقتل حوله الأخيار الكبار، ثم ماذا كانت النتيجة؟
وكيف كانت النهاية؟ لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم.
أيها الغرباء الجدد هل لكم من وقفة مع قصة الحديبية لنتذكر كيف يولد
الفجر الساطع من رحم الظلمة الحالكة، تعالوا نستعيد مشهد الصحابة
العرب الذين تقاتلوا قبل الإسلام ثمانين عاماً حتى كادوا أن يتفانوا
لأجل فحل وناقة، دعونا أولا نتذكر قصة سيكون لنا فيها شاهداً: أبو
موسى الأشعري رضي الله عنه في غزوة من غزوات المسلمين يسقط السيف من
يد عدوه المشرك، فيسرع هذا المشرك بالفرار، فيجرى أبو موسى خلفه، لكنه
لا يستطيع أن يلحق به، فيقول له أبو موسى: يا رجل، أتجرى؟ أولست
بعربي؟ فوقف الرجل لأن العربي يموت بوجهه لا بظهره، يموت مقبلاً غير
مدبر، فقتله أبو موسى، نعود إلى الحديبية، خرج الصحابة العرب عربيتهم
حاضرة، ومعها إسلام يحرك الصخر، ويجعل الموت أحب إلى الواحد منهم من
الحياة، خرجوا قاصدين البيت، فبينما هم كذلك إذ حيل بينهم وبين ما
يشتهون، ليس هذا فحسب بل ووقعواً صلحاً لولا أنه وحى لكان مهيناً، ليس
هذا فحسب بل وبينما هم كذلك جاءهم أبو جندل يجرجر قيوده ويلوذ بهم،
فيرده النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين، فهل سمعت عن قهر كهذا
القهر؟ حتى أن عمر وهو من هو فعل ما قال عنه بعد ذلك: ما شككت إلا
يومها، تصور أن الله سمى هذا الصلح فتحاً وأنزل فيه: {
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
} [الفتح:1].
أيها الغرباء الجدد هل لكم من وقفة مع مشهد فتح مكة ولحظة التمكين
للغرباء القدامى، يالها من لحظة!، وياله من فتح!، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: بشِّر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر
والتمكين في الأرض.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «
إن الله زوى لي الأرض
فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغُ ملكُها ما زُوي لي منها
».
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا
يترك اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز
أو بذل ذليل، عزا يُعزّ الله به الإسلام، وذلا يُذل الله به الكفر
»، وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «الإسلام يعلو ولا يُعلى
»، وقال صلى الله عليه وسلم: «
ولا يزال الإسلام يزيد،
وينقص الشرك وأهله، حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جوراً، والذي
نفسي بيده، لا تذهب الأيام والليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغَ هذا
النجم».
أيها القابضون على الجمر تجلدوا قليلاً وتحملوا قليلاً فوالله ما هي
إلا أيام -قلت أو كثرت- ثم يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده، يومئذ
يفرح المؤمنون بنصر الله ويومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى
بهم الأرضُ ولا يكتمون الله حديثاً.
أيها القابضون تجلدوا قليلاً إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما
تألمون وترجون من الله مالا يرجون، تجلدوا فقد شرفكم الله بحمل دينه،
وجعلكم من حزبه ألا إن حزب الله هم المفلحون، تجلدوا فقد كان يؤتى
بالرجل من قبلكم فيشق بالمنشار نصفين فلا يرده ذلك عن دينه ووالله
ليتمن الله هذا الأمر.
تذكروا غلام الأخدود وأصحابه وتذكروا حين نزع الحجر الأسود من الكعبة
وقال القرامطة الكفار أين الطير الأبابيل، وتذكروا حين اجتاح التتار
بلاد الإسلام وقضوا على حاضرته وزهرة بلاده وأسود الفرات وجرت الدماء
من الميازيب، تذكروا حين سقط بيت المقدس وامتلأ بجثث المسلمين الذين
احتموا به ظناً أن له حرمة عند أعداء الله ومنعت الصلاة فيه مائتي سنة
ثم ماذا بعد هذا؟
تذكروا هذه المشاهد وتدبروها تحلو المرارة وينجلي اليأس..
{إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُوا۟ كَانُوا۟ مِنَ
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يَضْحَكُونَ . وَإِذَا مَرُّوا۟ بِهِمْ
يَتَغَامَزُونَ . وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓا۟ إِلَىٰٓ أَهْلِهِمُ
ٱنقَلَبُوا۟ فَكِهِينَ . وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوٓا۟ إِنَّ
هَـٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ . وَمَآ أُرْسِلُوا۟ عَلَيْهِمْ
حَـٰفِظِينَ . فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مِنَ ٱلْكُفَّارِ
يَضْحَكُونَ عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ .هَلْ ثُوِّبَ
ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُوا۟ يَفْعَلُونَ
} [المطففين: 29-36].
{وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ
عَلَيْهِ مَلَأٌۭ مِّن قَوْمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنْهُ ۚ قَالَ إِن
تَسْخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ
} [هود:38].
تذكروا أنكم تصنعون للناس سفينة النجاة وأن الله يراكم ومطلع عليكم
وأنه قادر على نصركم الآن ولكنه يؤخره لحكمة ليبتلى ويميز ويمحص
وليعلم من ينصره ورسله بالغيب.
إخواني في الله ينبغي أن نشعر بالغم لكن دون أن ينقلب ذلك يأساً أو
قنوطاً، ينبغي أن نشعر بالمرار لكن دون أن نجلس نبكي في أماكننا،
فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، اقرءوا سيرة النبي
صلى الله عليه وسلم وسيرة الأنبياء مع أقوامهم، النهاية دائماً انتصار
الخير واندحار الشر، النهاية دائماً التمكين للصالحين والذل والصغار
على الظالمين.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ
خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ
كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
} [النور:55]، فليراجع كل منا حاله
مع ربه وحال أهله وبيته وأولاده فليراجع كل منا عبوديته لله ليرفع عنا
ما نحن فيه وليمكن لنا في الأرض كما مكن لآبائنا.
ارفع رأسك فليس عليها بطحة، ارفع رأسك فأنت مسلم ربك الله الملك
القدوس السلام المؤمن المهيمن الرحمن الرحيم دينك الإسلام الذي رضيه
الله للناس ديناً والذي من يبتغى غيره ديناً فلن يقبل منه والذي هو
عند الله الدين.
ارفع رأسك فنبيك محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد الأولين
والآخرين وأفضل من مشى على الأرض بقدميه له المقام المحمود والموقف
المشهود.
ارفع رأسك فآبائك أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم
أجمعين.
ارفع رأسك فأنت لست من ألقى قنبلة هيروشيما ولست من قتل الملايين
ودمر العالم ونهب خيرات االبلاد، لست من آباد السكان الأصليين فى كل
بلد دخلها، لست الذى يلقى اللبن فى المحيط للحفاظ على سعره بينما
ملايين الخلق يموتون من الجوع.
ارفع رأسك فإن غداً لناظره قريب..
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّـهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ} [الصف:8].
ارفع رأسك ولاتطلب رضاهم فإنهم لن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهم..
تجلد وتحمل {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ
مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ
اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ
} [البقرة:214].
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ
الصَّابِرِينَ} ]آل
عمران:142].
- التصنيف: