ندوب في فضاء (الجزيرة) !!
سقطة خطيرة لكنها مسبوقة لطاقم فضائية الجزيرة في رام الله، وتحديداً لمراسلتها هناك جيفارا البديري، ففي معرض تقريرها عن معتقلي حماس المضربين عن الطعام في سجون فتح - والذي يبدو أنها أعدته مرغمة - .. !!
سقطة خطيرة لكنها مسبوقة لطاقم فضائية الجزيرة في رام الله، وتحديداً
لمراسلتها هناك جيفارا البديري، ففي معرض تقريرها عن معتقلي حماس
المضربين عن الطعام في سجون فتح - والذي يبدو أنها أعدته مرغمة -
اقتضت المهنية المصطنعة لدى جيفارا أن تقحم قضية مفتعلة لبعض معتقلي
فتح في غزة والمحتجزين على خلفيات جنائية وتدبير تفجيرات وتورط في قتل
عدد من المواطنين، فاتصلت بمكتب الجزيرة في غزة وطلبت تجميع بعض ذوي
هؤلاء المعتقلين أمام مقر الصليب الأحمر في غزة لتصويرهم وإجراء
مقابلات معهم بدعوى أنهم معتصمون هناك احتجاجا على أوضاع ذويهم!
لست أدري في أي عرف إعلامي يمكن أن يحدث هذا، وأي منطق محايد هذا
الذي يسمح لإعلامي بأن يتدخل بهذا الشكل السافر لتزييف الحقائق، بل
ولافتعال حادثة وفبركة آلية عرضها! إذ لو كنا بصدد منبر إعلامي حزبي
لما كان مقبولاً أن تصدر عنه مثل هذه (الخبطة) الإعلامية، فكيف
والحديث يدور عن فضائية الجزيرة التي تشكل مفخرة إعلامية للعرب والتي
حازت بجدارة ثقة الجمهور العربي لما خطته من علامات التميز والإبداع
على مر سنوات عمرها القصيرة نسبياً والحافل بالإنجازات
المتصاعدة!
ولكن، ولأن (الزين لا يكمل) فإن طاقم مراسلي الجزيرة في رام الله
يأبى ألا أن يكون النقطة السوداء في سجل هذه الفضائية الفذة، لأن
أداءهم المرتبك والمليء بالإخفاقات فيما يتعلق بتغطية الشأن الداخلي
خليق بأن يضعهم في مرتبة دنيا على صعيد المصداقية والنزاهة والجرأة في
تبيان الحقائق!
ويبدو أن هذا الطاقم قد اختط لنفسه تعريفاً جديداً للنزاهة الإعلامية
عنوانه العريض أن تغطية أية قضية سياسية في الضفة تتعلق بالأجهزة
الأمنية يجب أن يقابلها إقحام لقضية مقابِلة من القطاع ووضعهما في
سياق موازٍ، حتى لو كانت المقارنة فاسدة، وحتى لو تطلب الأمر اللجوء
للكذب والفبركة، من باب مراعاة مشاعر (الانقسام) وتجنباً لإثارة غضب
قادة الأجهزة في الضفة، فما دام هناك انقسام بين (شطري الوطن) فالمنطق
الإعلامي الجديد البائس يقتضي تقسيم كل التجاوزات والجرائم مناصفة
ورغماً عن المنطق والحقيقة بين حكومتي (الوطن)! وما دامت أجهزة الضفة
تقدم تبريرات لمشروع تنسيقها الأمني مع الاحتلال فلا بد من التسليم
بروايتها وعدم إخضاعها لاختبار الحقيقة، ولا بد - إذا ما اضطررنا
لانتقادها- أن ننتقد بالتوازي والتساوي أجهزة غزة، وأن نجعل العملاء
والمشبوهين والمتورطين بتفجيرات داخلية معتقلين سياسيين، ولا بد من
اختلاق إضراب عن الطعام لبعضهم مقابل إضراب معتقلي الضفة، ولا داعي
للتركيز على خلفيات اعتقال كوادر حماس المتعلقة بمقاومة الاحتلال،
وكيف أنهم مدانون لأنهم في عرف السلطة الفئة الأكثر خطورة على الأمن
(أمن الاحتلال طبعا) ولأن لديهم خلفيات جهادية!
ما زلنا نذكر جيداً الأداء السيء والمنحاز والجبان للفريق ذاته خلال
حرب غزة، وكيف أنه كان يجري التعتيم بالكامل على عمليات القمع التي
طالت المتضامنين مع غزة في الضفة، بل وتبريرها عند الاضطرار للحديث
عنها، وما زلنا نذكر كيف كان كل همّ (جيفارا البديري) في أي ظهور لها
على الهواء أن تؤكد بمناسبة وبدون مناسبة أن فتح في غزة منخرطة في
القتال، وكأن هناك من أوعز لها أن تستحضر هذه (الفرية) في كل تقرير أو
لقاء مفتوح مع ستوديو الأخبار!
واضح أن من يضغط على مراسلي الجزيرة في رام الله ليقدموا على هذه
السقطات والأداء البائس يدرك أهمية وحساسية منبر الجزيرة، وكيف أن أي
قضية تثار عبر أثيرها سرعان ما تتحول إلى قضية رأي عام، وواضح كذلك
أنه يسعى لاستغلال الجزيرة لتجميل قبحه والتخفيف من وطأة تبعات
انحداره المستمر، وأن غاية ما يصبو إليه هو أن يستوي حكم الجمهور عليه
وعلى حماس!
إن هذا كله يلقي بمسؤولية كبيرة على إدارة فضائية الجزيرة ويستدعي
توجهها لتصويب أوضاع مراسليها في الضفة والوقوف على موطن الخلل في
أدائهم، وعلى أسباب إسهامهم في تزييف الحقائق وتزوير صورة الأحداث
الهامة، ولا عذر للتعلل بتهديدات الأجهزة الأمنية للمراسلين ومحاولات
ترهيبهم وحملهم على تبني رواياتها، ومؤخرا تطور الأمر إلى التطوع
لتسويق أكاذيبها وإخراجها دونما التفات لأدنى معايير المهنية
الإعلامية، فالعمل مع فضائية من طراز الجزيرة يوفر حصانة إعلامية
كبيرة للمنتسبين لها، ومن جهة أخرى فإن سيف التهديد الأمني لم يرهب
أياً من مراسلي الفضائية في البلدان الأخرى كمصر والأردن واليمن، بل
إننا نرى جيداً حجم الموضوعية والجرأة والنزاهة التي يتحلى بها مراسلو
الجزيرة في هذه البلدان وغيرها، فلماذا إذن هذا المستوى من القصور في
تغطية الساحة الفلسطينية؟! وهل يليق بالجزيرة أن يخرج أحد مراسليها
تقريراً مشوهاً ومضللاً، وأن يتعامل باجتزاء في تغطيته للشؤون
الداخلية الفلسطينية فيركز على أحداث جانبية ويصرف النظر عن قضايا
مفصلية وهامة؟!
أسئلة نطرحها على إدارة القناة التي نثق برؤيتها الإعلامية الثاقبة،
وبحرصها على أن تتحرى الحقيقة حيثما كانت، وتعرضها كما هي، وبأنها لا
تلقي اعتباراً لأي ترغيب أو ترهيب يهدف لثنيها عن رسالتها وأصالة
منهجها!
- التصنيف: