إياك وترك راية الإسلام (20)
مدحت القصراوي
من أجل هذا نتكلم عن الراية، ومن لم يعرف هذا لم يفهم مرامي الكلام ومراده.. والله الهادي والمرشد للخير، وهو العاصم سبحانه.
- التصنيفات: السياسة الشرعية - الواقع المعاصر -
لماذا يجب رفع الراية والتزامها؟
مع الأساس العقدي للنجاة في الآخرة فما سبق من بيان عن أهمية رفع الراية الإسلامية الواحدة والتزامها وعدم التفرق عنها أو الانفضاض من حولها هو أساس لنهضة أية أمة..
1- فلا تنهض أمة إلا بتماسكٍ اجتماعي واستقرارٍ قيمي ونظامٍ سياسي قائم على عقيدتها ومُمثل لها، والناس لا تشعر بالإنتماء إلا إذا كانت الراية المرفوعة هي رايتهم الموجودة في فطرتهم والمرتبطة بعقيدتهم بل وبتاريخهم، بل وكذلك بواقع حياتهم ونظرة الدنيا لهم..
إن العالم لا ينظر للمصريين على أنهم فراعنة ولا للعراقيين أنهم آشوريون أو غيرهم ولا للسوريين على أنهم فينيقيون، ولا لشمال إفريقيا على أنهم بربر أو أمازيغ.. إنه ينظر إلينا جميعًا على أننا مسلمون، وهذه هي الحقيقة.
وكل خططه وطموحاته ومشاريعه مبنية على هذا، لكن هذا لا يمنع من إشغالنا بغير هويتنا تفريًقا وتمزيقًا ليبقى له فرصة الانفراد قطعة تلو أخرى.
2- ولن يكون هناك وعاءٌ اجتماعيٌ حافز للتقدم والتحدي وحافظ للإنجاز وللعلوم، إلا إذا شعر الإنسان العادي بالانتماء، وهذا لا يتحقق إلا بالهوية الفاعلة وهي الإسلام، وبالمشاركة تحت راية هذه الهوية السامية فينتفي الإستبداد ويمتنع الاغتراب.
3- إن في كل مجتمع نوعان من الناس: أراذل وسفهاء، وزبدة حكماء وأصحاب خبرةٍ وقادة رأي، هذه هي طبيعة المجتمعات البشرية.
وتقدُم السفهاء والأراذل أو الحكماء وأصحاب الرأي منوط بطبيعة (الهوية القائمة وتحقيق المشاركة وعدم الاستبداد)، ولهذا كانت الهوية الإسلامية والحرية مدار تقدم أي الفريقين الأراذل أو الحكماء، هذا أو ذاك، فإذا رفعت راية القومية والوطنية المتطرفة المنسلخة من الدين والمعادية له، رافقها الاستبداد، إذ إنها رايةٌ غريبةٌ على فطرة الناس لأنها تعادي دينهم، فأقل أحوال الناس أو تكون الوطنية متصالحة مع الدين وجزء منه.
وإذا ترافقت الغربة عن الإسلام والاستبداد تراجع الحكماء وقدم المجتمع طبّاليه وزمّاريه وسفهاءه ليكونوا أصحاب التوجيه وقادة الرأي! فرأيت منهم العجب وسمعت الخزعبلات وهاجمتك الكائنات السنسكريتية!!
وإذا رفعت راية الإسلام وتصالح عند الناس مفهوم الوطن كجزءٍ من الأمة الواحدة ومن أرض الإسلام ودياره، لم يكن الناس بحاجة الى استبداد، وإذا قام نظام يضمن لهم الحرية والمشاركة تم للمجتمع إمكانية بداية التقدم، والانعتاق من التبعية، وشحْذ همته وتجميع قواه ورصّ صفوفه ليستدرك ما فاته من علم وتكنولوجيا وحضارة بل وأخلاق حضارية ونظم واجبة الاتباع.
- كل محاولة دون هذا مضمونة الفشل، وقد فشلت بلادنا ومجتمعاتنا على مدار قرن من الزمان منذ استلمها العلمانيون وسادت الوطنية المتطرفة والقومية الفارغة المدلول والأثر إذ إنها قطعت خط التقدم والاطّراد عندما عادت الإسلام وخاصمته، وترافقت معها نظم الإستبداد وساد التعذيب وعمّ القهر وشاعت المظالم، فمُلئت الأرض جورا وظلما بل وإباحية ورِدة، وسخرية من الدين واستهزاء بالشرائع، ومن هنا يضيع الهلكى ممن مات على نداء الطبالين والزمارين فكانت هلكة الآخرة بعد خسارة الدنيا..
من أجل هذا نتكلم عن الراية، ومن لم يعرف هذا لم يفهم مرامي الكلام ومراده.. والله الهادي والمرشد للخير، وهو العاصم سبحانه.