مع القرآن - بين إنكار البعث ونسيانه
ليس العجب في ابتعاد الأكثرية عن منهج الله وإنما الأعجب هو إنكار بعض الكافرين للبعث من الأساس
ليس العجب في ابتعاد الأكثرية عن منهج الله وإنما الأعجب هو إنكار بعض الكافرين للبعث من الأساس ونسيان الأكثرية للقاء الله مع إيمانهم به وبلقائه والقرآن يحدثنا عن جزاء الصنف الأول المنكر للبعث وفي هذا تذكير للمؤمنين به بأن يتمسكوا بتعاليم الرسالة ويعضوا على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبنوا دين الله كمنهج للحياة لا يصلح غيره حتى تصلح لهم آخرتهم يوم يبعثون ويجازي كل منهم بما قدم.
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} } [الرعد: 5].
قال السعدي في تفسيره:
يحتمل أن معنى قوله {وَإِنْ تَعْجَبْ} من عظمة الله تعالى وكثرة أدلة توحيده، فإن العجب -مع هذا- إنكار المكذبين وتكذيبهم بالبعث، وقولهم {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أي: هذا بعيد في غاية الامتناع بزعمهم، أنهم بعد ما كانوا ترابا، أن الله يعيدهم، فإنهم -من جهلهم- قاسوا قدرة الخالق بقدرة المخلوق.
فلما رأوا هذا ممتنعا في قدرة المخلوق ظنوا أنه ممتنع على قدرة الخالق، ونسوا أن الله خلقهم أول مرة ولم يكونوا شيئًا.
ويحتمل أن معناه: وإن تعجب من قولهم وتكذيبهم للبعث، فإن ذلك من العجائب، فإن الذي توضح له الآيات، ويرى من الأدلة القاطعة على البعث ما لا يقبل الشك والريب، ثم ينكر ذلك فإن قوله من العجائب.
ولكن ذلك لا يستغرب على {الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} وجحدوا وحدانيته، وهي أظهر الأشياء وأجلاها، {وَأُولَئِكَ الأغْلالُ} المانعة لهم من الهدى {فِي أَعْنَاقِهِمْ} حيث دعوا إلى الإيمان فلم يؤمنوا، وعرض عليهم الهدى فلم يهتدوا، فقلبت قلوبهم وأفئدتهم عقوبة على أنهم لم يؤمنوا به أول مرة، {وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} لا يخرجون منها أبدًا.
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: