سورة الفاتحة ومعية الله تعالى
المُتدبر في سورة الفاتحة يجدها طمأنةً للمؤمن بمعية الله له، فتبدأ بالحمد لله لتدبيره شؤون عالمي الدنيا والآخرة
المُتدبر في سورة الفاتحة يجدها طمأنةً للمؤمن بمعية الله له، فتبدأ بالحمد لله لتدبيره شؤون عالمي الدنيا والآخرة {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] وأن هذا التدبير إنما هو بسبب رحمته لنا {الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] ، وتطمئنه أن المعية مطلقةٌ في الدار الآخرة، وأنه لن يصح إلا الصحيح لأن مجال حرية الإرادة قد أغلق ولا مكان إلا للحق وللطاعة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4].
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فلا مالك له سواه، صحيح أنه يملك الدنيا، لكنه أعطى الإنسان بعض الصلاحيات للتغيير فيها بإذنه وتحت هيمنته وفي إطار ملكه للدنيا، لذا لم يقل صراحةً أنه المالك للدنيا، وإنما صرح بملكه ليوم الدين.
فليس كل ما يقع في الدنيا يُرضِي الرب سبحانه، ثم تبين له وتطمئنه أنه بالرغم من تركه حرًا في الأرض فترة حياته الدنيا فإن الله معه يهديه ويرشده وينقذه من حرية إرادته لو أنها كادت تفتك به، وذلك بشرط أن يطلب الإنسان هدايته ولا يتكبر عن هذا، لذا فإنه يعلمه الاستعانة بالله في عمله بالدنيا { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، والاستهداء به وبشرعه للوصول للجنة دون زلل {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ليصبح الإنسان من المُنعَم عليهم بطاعة الله، {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، وليس ممن يضلون غيرهم أو يضلوا هم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7].
فمثل الأمر بين الله وبين العبد - من جهة المعية - كمثل الأمر بين الأب الشفيق بابنه الضعيف إن أخذه إلى المدرسة وقال له: اطمئن ستعود للبيت بعد المدرسة حيث الأمان المطلق، لكن إلى أن تعود لن أتركك وحدك ولكن ستجدني معك إن ناديتني، فإياك أن تنسى تلك الوصية وإلا هلكت.
ولله المثل الأعلى....والله أعلى وأعلم
- التصنيف: