مع القرآن - "اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ"

منذ 2017-02-23

أي عاقل وأي قلب مؤمن يرضى لنفسه التيه بعدما رأى هلاك فرعون وهوانه وعاين عناية الله بموسى؟؟ وأي قلب هذا الذي يرضى بعبادة عجل بعدما أنزل الله إليهم التوراة فيها الهدى والنور.

ينعم فيعصي العباد وينجي من المهالك فيبادر العباد بمبارزته فور إفاقتهم والقليل منهم شكور معترف بفضل الله يحيا بمنهجه يدافع عن رسالته ويحيا بها ومن أجلها، هي قصة العباد بين الشكر والكفر على مدار التاريخ.

يحدثنا التاريخ في إحدى دوائره الصغيرة: عن دائرةٍ كان فيها موسى هو حارس العقيدة وفرعون هو راعي جهنم.

أنجى الله موسى ومن معه وأراهم الآيات الباهرات فمنهم من شكر وثبت حتى لاقى الله ومنهم من عبد العجل بعدما رأى بأم عينه الآيات المعجزات ومنها انفلاق البحر من أجلهم.

وهنا تأتي سنة الله في الإحسان إلى الشاكرين ومعاقبة المعاندين: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

فأي عاقل وأي قلب مؤمن يرضى لنفسه التيه بعدما رأى هلاك فرعون وهوانه وعاين عناية الله بموسى؟؟ وأي قلب هذا الذي يرضى بعبادة عجل بعدما أنزل الله إليهم التوراة فيها الهدى والنور.

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم 6-8].

قال السعدي في تفسيره: امتثل موسى عليه السلام أمر ربه، فذكرهم نعم الله فقال: { {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} } أي: بقلوبكم وألسنتكم. {إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} أي: يولونكم {سُوءَ الْعَذَابِ} أي: أشده وفسر ذلك بقوله: {وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} أي: يبقونهن فلا يقتلونهن، {وَفِي ذَلِكُمْ} الإنجاء {بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} أي: نعمة عظيمة، أو وفي ذلكم العذاب الذي ابتليتم به من فرعون وملئه ابتلاء من الله عظيم لكم، لينظر هل تصبرون أم لا؟.

وقال لهم حاثًا على شكر نعم الله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أي: أعلم ووعد، {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} من نعمي {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم.

والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك.

{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا} فلن تضروا الله شيئا، {فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} فالطاعات لا تزيد في ملكه والمعاصي لا تنقصه، وهو كامل الغنى حميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ليس له من الصفات إلا كل صفة حمد وكمال، ولا من الأسماء إلا كل اسم حسن، ولا من الأفعال إلا كل فعل جميل.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 0
  • 0
  • 7,942
المقال السابق
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ
المقال التالي
حجج المعاندين مكررة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً