تونس تنتصر لهويتها

منذ 2011-01-24

ثورة تونس.. لم تكن من أجل رغيف الخبز فقط.. وإنما ثارت تونس من أجل كرامتها أيضا حيث تعتبر هويتها العربية والإسلامية جزءا من هذه الكرامة التي أهانها واعتدى عليها المتطرفون العلمانيون ومرتزقة بورقيبة وبن على من بعده..


ثورة تونس كانت محصلة لأسباب كثيرة، بعضها ـ بطبيعة الحال ـ معروف للعامة والخاصة، وبعضها الآخر "خفي" ليس بسبب ترتيبه "المتأخر" في أولويات الرأي العام، وإنما لأنه يجري على خلفية ثقافية قد يتجاهلها الإعلام الرسمي المتواطئ مع النظام ويتعمد تهميشها والإبقاء عليها في الظل، أو حمايتها بسياج من خطاب إعلامي يستهدف إرهاب وتخويف كل من يقترب إليها ووضعه تحت ضغط وتهم بـ"الظلامية" و"السلفية" و"الوهابية" وما شابه من أدوات "النصب" المعروفة.


ويعتبر الصراع على "الهوية" واحدا من الأسباب "الخفية" في اشعال ثورة الياسمين.. إذ ظلت تونس تكابد مشقة كبيرة للحفاظ على هويتها العربية والإسلامية، منذ استيلاء بورقيبة على الحكم وامتداده إلى حقبة بن على، حيث خضع الشعب التونسي، طوال حكم الطاغيتين لما يشبه محاكم تفتيش لم تعبأ بأي وازع أخلاقي أو إنساني أو حقوقي أو ديني، استهدفت سلخ تونس عن عالمها العربي والإسلامي.. وتحويلها إلى "مسخ" جغرافي يحاكي ـ من حيث مرجعيته العامة ـ العلمانية "اللائكية" في فرنسا وفي أكثر صورها تطرفا وانتهازية.. ليس كخيار قائم على "الرضا العام" وإنما كخيار سلطة تبحث عن الحماية الغربية والعيش آمنة تحت مظلتها العسكرية.


كانت تونس تعيش صراعا حقيقيا على هويتها بين تيارين : "الفرنسة" والتي تمثلها السلطة وتحاول فرضها بقوة الدولة وبالمثقفين "المرتزقة" من داخل تونس ومن خارجها(شارك في هذه العملية القذرة مثقفون وصحفيون مصريون مقابل هدايا وعطايا وسفريات والإقامة في تونس بضع أيام على نفقة دافع الضرائب التونسي).. والتيار الآخر هو العروبي الإسلامي.. وهو تيار عام، مشاعره حقيقية وعفوية وبريئة يستبطنها الشعب التونسي كله، ويشعر بالإهانة والاستفزاز من عمليات العلمنة والفرنسة الفجة لثقافته وهويته الحضارية.


ثورة تونس.. لم تكن من أجل رغيف الخبز فقط.. وإنما ثارت تونس من أجل كرامتها أيضا حيث تعتبر هويتها العربية والإسلامية جزءا من هذه الكرامة التي أهانها واعتدى عليها المتطرفون العلمانيون ومرتزقة بورقيبة وبن على من بعده.. تونس ثارت انتصارا لحضارتها وثقافتها وهويتها.. التليفزيون التونسي بعد هروب الطاغية، أذاع لأول مرة الآذان.. فيما اعتبره المراقبون مفاجأة غير متوقعة.. وفهم الجميع دلالتها الرمزية.. إذ كانت إعلانا بعودة تونس إلى عروبتها وإسلامها مع أول يوم تعيشه بدون بن على.


كانت لحظة رفع الآذان في التليفزيون التونسي، في ذات الوقت الذي كان فيه طاغية قرطاج محلقا في الهواء يبحث على من يأويه.. كانت عنوانا "فرعيا" على "متن" الثورة يشير إلى أن الأخيرة كانت أيضا من أجل العودة إلى "الجذور" وإلى نبع العروبة والإسلام الصافي .


20-01-2011 م
 

المصدر: محمود سلطان - موقع المسلم
  • 0
  • 0
  • 7,112

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً