مع القرآن - المكذبون بالبعث أغبياء
إن كان البعث غير حقيقي، فما الحقيقي في الحياة نفسها؟
اطمأنت قلوبهم إلى أنهم لن يبعثوا في حياة أخرى ولن يحاسبوا عما اقترفت وستقترف أيديهم، ففعلوا كل ما يرضي الأهواء ويشبع الشهوات دون نظر لحلال أو حرام ودون إيمان بأي قيود تفرضها شرائع الله.
والسؤال: إن كان البعث غير حقيقي، فما الحقيقي في الحياة نفسها وقد خلقكم من عدم، الذي أوجدكم من العدم قادر على إعادتكم للحياة بل هو أمر أيسر. وساعتها سيقف الجميع على كل الحقائق الخافية.
وفي المجمل فالله قادر على كل شيء وسعت قدرته وقوته كل الكائنات وإرادته ومشيئته نافذة في الجميع إذا أراد شيئاً كان ولابد.
{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ * إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل:38-40].
قال السعدي في تفسيره:
يخبر تعالى عن المشركين المكذبين لرسوله أنهم {أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: حلفوا أيمانا مؤكدة مغلظة على تكذيب الله، وأن الله لا يبعث الأموات، ولا يقدر على إحيائهم بعد أن كانوا ترابا، قال تعالى مكذبا لهم: {بَلَى} سيبعثهم ويجمعهم ليوم لا ريب فيه {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} لا يخلفه ولا يغيره {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ومن جهلهم العظيم إنكارهم للبعث والجزاء، ثم ذكر الحكمة في الجزاء والبعث فقال: {لِيُبَيِّنَ لَهُم الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} من المسائل الكبار والصغار، فيبين حقائقها ويوضحها.
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} حين يرون أعمالهم حسرات عليهم، وما نفعتهم آلهتهم التي يدعون مع الله من شيء لما جاء أمر ربك، وحين يرون ما يعبدون حطبا لجهنم، وتكور الشمس والقمر وتتناثر النجوم، ويتضح لمن يعبدها أنها عبيد مسخرات، وأنهن مفتقرات إلى الله في جميع الحالات، وليس ذلك على الله بصعب، ولا شديد فإنه إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون، من غير منازعة ولا امتناع، بل يكون على طبق ما أراده وشاءه.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: