بهدوء: عيد الأم!
أبو الهيثم محمد درويش
أعطى الإسلام للأم النصيب الأكبر من التكريم حين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأحقيتها بحسن صحبة الأبناء.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - النهي عن البدع والمنكرات -
كرم الإسلام المرأة بوجه عام وشرع كل وسائل الحفاظ عليها وسد كل ذرائع تؤدي إلى مجرد خدشها. وخص سبحانه الأمهات من النساء بوجه أكبر من التكريم يوم أوصى بعد توحيده ببر الوالدين ونهى عن أقل السوء من القول في حقهما كما نهى عن أقل السوء من الفعل تجاههما: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء:23].
ثم أعطى الإسلام للأم النصيب الأكبر من التكريم حين أوصى النبي صلى الله عليه و سلم بأحقيتها بحسن صحبة الإبناء وتكريمهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنّه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّك»؛ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»؛ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»؛ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» (متفق عليه).
قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، قال: وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها ثم تشارك الأب في التربية، وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان:14]، فسوَّى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة. أ هـ
سؤال: هل كل هذه الوصايا والتكريم للأم شرعه الله في يوم واحد فقط من العام؟
هل نخترع لها عيداً نكرمها فيه ونخصها بالهدايا ثم نرى الأكثرية عاقة مهملة لها؟!
أم أن الشرع كرمها طوال العام.
قبل أن نفعل الفعل يجب أن نتأمل: هل يوافق شريعتنا وهل يرضي ربنا؟
بهدوء سنحلل الأمر بالتدريج:
أولاً: ما هو العيد عموماً:
قال ابن عابدين -رحمه الله-: "سُمي العيد بهذا الاسم؛ لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل يوم، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي، وغير ذلك، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور" (حاشية ابن عابدين 2 / 165).
ثانياً: هل أمر الاحتفال بأعياد أمر مفتوح في الإسلام أم حدده الشرع؟
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى» (رواه أبو داود (1134) والنسائي (1556)، وصححه الشيخ الألباني).
فلو كان الأمر مفتوحا لكان الأولى بفتحه أرحم الخلق وأحبهم للمعروف والبر صلى الله عليه وسلم. فهل نحن أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم تفتقت أذهاننا عن شيء من البر والخير لم يعرفه الله ورسوله؟