الإسلاميون وثورة الغضب
منذ 2011-02-08
انطلقت جموع الشعب المصري منذ 25 يناير حتى الآن تصنع ثورة غير مسبوقة في تاريخ مصر وتتصدى للطغيان والفساد وكان يوم الجمعة 28 يناير هو ذروة تلك الثورة عندما واجهت عنف الأمن بكل ثبات وقوة واستطاعت أن تفرض وجودها حتى الآن بعد تضحيات مشرفة..
الحمد لله كما كتبت في آخر مقال لي (الإسلاميون والتغيير) أنه لابد من إحياء سنَّة التدافع فالحمد لله حدث وتم إحيائها وانطلقت جموع الشعب المصري منذ 25 يناير حتى الآن تصنع ثورة غير مسبوقة في تاريخ مصر وتتصدى للطغيان والفساد وكان يوم الجمعة 28 يناير هو ذروة تلك الثورة عندما واجهت عنف الأمن بكل ثبات وقوة واستطاعت أن تفرض وجودها حتى الآن بعد تضحيات مشرفة..
و يهمني في هذه اللحظة التاريخية أن أسجل للتاريخ على عُجالة الأتي بعد أن جلست لأول مرة أكتب منذ 25 يناير حيث ظللت متنقلاً بين نقابة المحامين التي قادت الثورة منذ أول يوم وميدان التحرير..
1- أن ثورة الغضب نظيرها ثورة القاهرة الأولى والثانية ضد الفرنسيين أكبر قوة طاغية في العالم وقتها ولكن يفرق بينهما أن القيادة في ثورة القاهرة كانت من العلماء منظمة وثورة الغضب الحالية تشتت فيها القيادات و في ثورة القاهرة غاب النصارى وتعاونت قلة منهم مع المحتل الفرنسي وثورة الغضب غاب النصارى أيضاً إلا من قلة قليلة جدا وطنية وقفت موقفا مشرفا.
2- لا ينكَرُ فضل شباب الفيسبوك في تفجير شرارة الثورة لكن أيضا لا ينكر أيضاًً أن جماعة الإخوان سجلت في التاريخ أعظم دور لها في تاريخها منذ عدة عقود وهو فضل من الله أن رزق قيادتها البصيرة في تلك اللحظة الحاسمة في تاريخ مصر ولو فاتها الحدث لتحولت إلى جمعية لدفن الموتى.
3- ميدان التحرير يشهد تجمع مختلف من شباب الفيسبوك وغالبيتهم مسلمون يحبون دينهم ولكن غلب عليهم الفكر السياسي بكل ما فيه و حماس الشباب، وينقصهم الضبط الشرعي وأيضا يوجد الشيوعيون والناصريون والليبراليون والوفديون والعلمانيون وعوام المسلمين المكبوتين من الظلم لكن المشهد يوجد به أيضا جماعة الإخوان بكل ثقلها ولهم دور استراتيجي قوي لا يخفى في تلك الثورة ويوجد أيضا وجود قوى لشباب ورجال الجماعات الإسلامية والسلفيين بكل تنوعات أفكارهم وهو وجود ملحوظ لا يخفى للناظر.
4- رغم وجود الإسلاميين من خارج جماعة الإخوان بكثرة إلا أنهم يجمعهم أنهم رغم أنهم أكثر الناس في مصر تعرضاَ للظلم والقهر في عهد مبارك مع الإخوان إلا أنهم غير منظمين ولذلك غير موجودين في المشهد السياسي الخارجي للثورة، بخلاف محاولات بعض المحسوبين على الإسلاميين ممن جعلتهم الدعوة شيوخاً للتشكيك وإثارة الفتن و التخذيل وهو موقف مخزي سجله التاريخ لكن رغم ذلك لا يسمع لهم حيث قد وضح لي استنارة كثير من شباب ورجال الحركة الإسلامية ووعيهم بما يحدث وتفاعلهم مع الثورة، ويسجل التاريخ أن الإسلاميين الذين طالما اتُّهِمُوا بالعنف ظلماً لم تقع منهم حادثة عنف واحدة بل نظموا أنفسهم في لجان شعبية لحماية أمن الناس أما م بيوتهم وتوفير السلع الغذائية لهم في بعض المناطق.
5- في ظل ذلك المشهد يحاول أعداء الإسلام القفز لقطف مكاسب الثورة بوجود استراتيجي لهم وأول مخططهم هو حذف و محو شكل الهوية الإسلامية لمصر بحذف المادة الثانية من الدستور وقد أعلن ذلك "أيمن نور" على البي بي سي وأشباهه، قالوا ذلك بخلاف محاولة تهميش الإسلاميين في المشهد السياسي حتى ما سمي لجنة الحكماء سيطر على غالبيته المعادين للفكر الإسلامي ولا يوجد بها إلا قلة قليلة جداً لا تظهر حقيقة قوة الإسلاميين في مصر و لا يفوتني هنا الإشارة إلى وجوب الانتباه لمخططات اليهود والأمريكان في مصر في ظل تلك الحالة الراهنة.
6- من هذه النقطة الأخيرة أناشد مختلف الإسلاميين في مصر إلى:
1- الاستمرار في تأييد الثورة فهي ثورة شعب نحن منه وهم أهلنا وإخواننا وهدف الثورة الأساسي من إسقاط النظام، مطلبنا ومطلب الشعب وهنا أشكر السلفيين في الإسكندرية وأطمع في مواقف أكثر إيجابية وتفاعلاً منهم وإدراك أن الوقت حاسم جداً.
2- التوحد حول إطار المتاح والممكن فلا ينكر أن الإسلاميين يشتاقون إلى العدل والحرية بعد ثلاثين عاماً قهر وظلم وطغيان ومعتقلات وسجون.
صحيح أن هدفنا وأملنا تطبيق شرع الله لنحقق رضا الله ويعُمّ العدل والخير ولكن الواقع الإقليمي والعالمي بكل تفاصيله الكثيرة لا يساعد على تحقيق ذلك فليكن هدفنا الاتفاق على الممكن وهو الثبات على هوية مصر الإسلامية في الدستور وتحقيق العدل والحرية بكل الطرق لتنطلق الدعوة في مسيرتها تهدي الناس للخير.
3- التناصح بين رموز الحركة على التوحد حول هذا الموقف بكل قوة وذلك بتشكيل لجنة موحدة تعمل على تحقيق ذلك بفهم ووعي سياسي للمشهد المصري الآن أو الوقوف مع جماعة الإخوان صفًّا واحداً بالاتفاق على ثوابت و لا يفوتني حتمية نبذ الخلاف و الدفاع عنها أمام حملات التشويه فلهم موقف مشرف الآن لا خلاف فيه فتحية لهم.
وأخيراً نصيحة لكل الإسلاميين، اتركوا الخلافات وكفاكم فُرقة واصطناع دولة لكل شيخ لها حدودها ومياهها الإقليمية و انبذوا عملاء الظلم ممن يلبسون ملابس الدعاة وهم قلة شاذة والحمد لله من الذين استفادوا من الطغيان وكنزوا أموال ولم يهتموا إلا بأنفسهم فهم يشوهون الإسلاميين وإن فاتكم التفاعل مع العمل العام بأسباب مختلفة فالآن يجب أن تتوحدوا جميعاً خلف هذه الثورة بموقف قوي وموحد وبارز لنحقق مطلبنا الغالي بالعدل والحرية لأنفسنا ولأولادنا وللدعوة الإسلامية وإلا لوفاتنا، ذلك في تلك اللحظة الحاسمة فلا نلومنَّ إلا أنفسنا، وأكرر دعوتي لتشكيل لجنة إسلامية بدأت في السعي لها وأرحب بكل قيادة ورمز إسلامي.
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب - عضو مجلس النقابة العامة للمحامين
[email protected]
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: