الذنب ومعايشة الغيب
بعض الناس يسأل من أين البداية؟ والإجابة أنه لا شيء أنفع للعبد من التوبة وتجديد البدايات .
اعلم أنهما أمران مترابطان؛ فمن شرف الغيب والإيمان به أنه كلما أقللت من الذنوب طهُر قلبك فعاش الغيبَ واستحضر الآخرة ولم تفارقه، وكلما حضرت الآخرة في الحس والشعور ورافقت العبد، كلما انطلق مبتعدا عن المعصية قائما بأمر الله تعالى..
فالإيمان بالغيب واكتمال التصور وحضور الشعور بها هو أمر شريف جدا لا يحضر ويستقر إلا في قلب طاهر بعيد عن نجاسة المقارفات..
وفي المقابل فكلما تنجس القلب بالذنوب كلما كان الغيب بعيد الحضور في الحس حتى لو كان العبد يؤمن به إيمانا مجملا لا ينكره ولا يشك فيه، ولكنه ضعيف التأثير قريب من وصف الله تعالى لبعضهم {أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت 44] وحينئذ يجترئ القلب على المعصية أكثر ويقِلّ من قيامه بأمر الله تعالى ويضعف فيه.. فإن وجدت صعوبة في حضور الآخرة ووحشة في استحضارها فارجع إلى ما اقترفت مما يحول دون ذلك..
وهكذا؛ ففي الحالة الأولى، حالة الخير، تجد كلا من الطاعة وحضور الغيب يؤديان إلى بعضهما ويتقاويان ويتساعدان، وكلٌ منهما يروي الآخر.. وفي الحالة الثانية يتجارأ كل منهما على القلب ويفسدانه ويقسيانه بل ويحجّرانه.
بعض الناس يسأل من أين البداية؟ والإجابة أنه لا شيء أنفع للعبد من التوبة وتجديد البدايات ومراجعة النفس وترك الذنوب المعتادة التي يقسو بها القلب.. والإنسان في هذا على نفسه بصيرة.
ما من مُضغة أشرف من محل نظر الرب، ومحل معرفته وعبوديته، وهي القلب؛ فلا تفسده، وابدأ به، وانطلق من هناك واحفظ طهارته وتلقَّ فيه أشرف المعارف وأسمى العلوم وأرقى المشاعر وأوثق العلاقات برب العالمين، واعلم أن ما فيه من معارف وإرادات تنعكس على الوجوه، وتظهر جليا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
- التصنيف: