لا إله الا أنت
كانت توبته ورجوعه من باب الألوهية وتجريدها وتحقيق كمالها فكانت توبته من باب {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء 87]
لما كانت معصية آدم قد وقعت عن خداع من الشيطان له ، وأقسم بالله تعالى كاذبا على صحة ما يقول ، ولم تكن معصية آدم عن مزاحمة لألوهية الله تعالى في قلب آدم .. لذلك فلما تاب كانت توبته من باب عبودية الربوبية فنادى باسم (الرب) الخالق الرازق المصلح لشؤون خلقه والقيوم عليهم فقال في توبته {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف 23]
ولما كانت معصية يونس عليه السلام أن غضب لنفسه في موقف حيث خاف أن يُظن به سوء أو أنه كذب على قومه ، ففعل تصرفا لم يتقدم له فيه أمر ، فلما كانت ثمة مزاحمة لكمال الألوهية ـ ولو في نطاق خلاف الأوْلى ـ فلما كان كذلك .. كانت توبته ورجوعه من باب الألوهية وتجريدها وتحقيق كمالها فكانت توبته من باب {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. فكان المقصود الرجوع عما زاحم تلك الطاعة.
قال بعض السلف (لو لم تكن التوبة أحب شيء إليه ما ابتلى بالذنب أحب خلقه إليه) ، فكان يونس عليه السلام لا يتصرف إلا بأمر ؛ فلعلو مرتبته عوتب أن تصرف في موقف بغير أمر ، فكان بلاؤه لعلو منزلته ، وكانت توبته آية الى يوم القيامة ، وقال صلى الله عليه وسلم «لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متّى» [متفق عليه] .
- التصنيف: