قِتالُ الأحبَّة!
أسماء محمد لبيب
وفي لحظةٍ متطابقةِ الثواني، رفع كلٌ منهما أداةَ بطشِه بيدِه عاليًا فى الهواء، وبلا ترددٍ هَوَى كلٌّ منهما بما في قبضته بلا هوادةٍ على نصفه الآخر....
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - أعمال أدبية -
رَمقتْهُ بِِغلٍ متصاعدٍ متمنيةً أنْ لو كانت هناك مِطرقة في الجوار، ثم صاحت: "هذا الذي بين أضلعكَ ليس قلبًا.. بل حجرٌ أصم!".. ثم أَولَتْهُ ظهرَها بحركة عصبية سريعة...
اعتدل فى جِلستِه وضمَّ بين جفنيه وحاجبيه وزمَّ شفتيه كمن يحجِزُ بركانًا ثم نطق بالحمم: "عجبًا! كيف تتكلمُ مَن لا قلبَ لها من الأصل!"...
ارتعدتْ أوداجُها وانتفضتْ كَمَدًا! وفي لمح البصر، وثبتْ مبتعدةً عنه تبحثُ في هيستيريا محمومة عن أداةٍ تُنهِي بها معاناتِها اليومية وتُخرسُ بها هذا الصوتَ الكئيبَ إلى الأبد!..
وبادَلَها بدوره نفسَ الأفكارِ الجُهنّميةِ بحقّ!...
انتشرا سريعًا في البيت كجنود إبليس... ثم توقفا بغتةً عن التنقيب!.. ولمعت عينا كلٍّ منهما بلمعان سيوفِ القتالِ فى الحروب الدامية، ما إن وجد كُل منهما بُغيتَه...!
واستبقا الغرفةَ أرضَ المعركةِ مجددًا... فتلاقيا في منتصف الطريق قَبلَها لفرطِ الحميةِ وحُمَّى الغضب.. !
وفي لحظةٍ متطابقةِ الثواني، رفع كلٌ منهما أداةَ بطشِه بيدِه عاليًا فى الهواء، وبلا ترددٍ هَوَى كلٌّ منهما بما في قبضته بلا هوادةٍ على نصفه الآخر، وارتمَى كلاهما أرضًا في نفس ذاتِ اللحظة مُضرجًا في دماءٍ متدفقةٍ لا أول لها ولا منتهَى!..
وفجأةً... وياللعجب!
نهضا معًا فى ذات اللحظة! وأخذا يكفكفا النزيفَ عن بعضهما البعض، وهما جثتين قد فاضتْ منهما الروحُ لا ريب!! وشاهدا رأي العين الدماء وهي تنحسر وتعود مسكنها في العروق مجددًا كأمواج جَزْرٍ بلا مَدّ..!
ثم فتحا أعينهما واستيقظا من النوم على صوت أذان الفجر...
وانتفضا معًا من على الفراش في هلع!..
ونظر كل منهما للآخر نظرةَ عتابٍ عذبةً آسرةً كلها فرحةٌ باكيةٌ..
وبكاءٌ فَرِحٌ... وذهولٌ يتراقص طربًا، لسانُ حال النظرات "الحمدلله أنْ كان كابوسًا لا أكثر".
وتعانقتْ روحُهما من جديد، وغسلا قلبيهما بماء الوضوء وركعتين هما خيرُ ما طلعتْ عليه شمسٌ أو أَفَلَ عنه قمرٌ.
واستسلما للنومِ مجددا بسباتٍ عميقٍ وسعيدٍ هذه المرة، بقلبٍ مطمئنٍ رؤَى، مستكينَ الأنفاسِ، منتظمِ الدقات، ولسان الحال مجددًا: تبًا للشِّجار قبل النوم.