كيف وجد من يتبعه..؟!
لم يكن مَن حول ابن عربي الذي قال بعقائد الاتحاد بين الرب والعبيد، بين الخالق والمخلوق، لم يكن من حوله يشعرون بفداحة الخطب وبشاعة العقائد وفحش المواقف؛ فقد كان يزيّن مواقفه ويزخرف كلامه، ويرفقه بدمعات وشحتفات وكلام (مكلكع) و(كبير) لا يقوله إلا (الفقراء) و(المتزهدون) !وقيل لمن حوله: المشكلة فقط أنكم لا تُحسنون فهْم الكلام ومراميه..
وذهب معه من ذهب، وكلما غاصوا معه علموا حقيقة الأمور لكن كانوا قد تورّطوا، واستفادوا، ومالت قلوبهم للعقائد المنحرفة، ثم نشطوا للدفاع عن الحقيقة البشعة التي تواطؤوا عليها، واستفادوا بها..
لم ينكشف قبحه وزيفه إلا بعد مدة، ولم يعرف أتباعه كم خسروا وابتعدوا عما كانوا يطلبون في باديء الأمر من الدين وطريقه إلا بعد أن لقوا الله تعالى..
قد يتعجب الناس اليوم كيف لقي ابن عربي أتباعا رغم كفره الواضح الذي جعل فيه فرعون من العارفين لأنه قال {أنا ربكم الأعلى} فعرف أنه هو والإله شيء واحد ! وقال أن قوم نوح لم يكونوا كفارا ولم يدخلوا النار، بل كانوا عارفين ودخلوا الجنة فقد أُغرقوا في بحار المعرفة فدخلوا نار الشوق والمحبة..! إلى آخر ترهاته وكفرياته..
يتساءل الناس كيف وجد من يتبعه؟ وقد تكون الإجابة للبعض أن ينظر إلى نفسه؟! وللبعض أن ينظر حوله في مزخرِفي الدين أو مزخرِفي السياسة أو مزخرِفي الإعلام؟
فلكل جريمة زخرف {شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا} ، ولكل باطل زينة {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} ، ولكل شيطان صوت وصخب ومتحدثون حاشدون وألحان وطرب و {استفزز من استطعت منهم بصوتك} ولكل باطل أتباع وأفواج يوهمون غيرهم أنهم على حق {وأجْلِب عليهم بخيلك ورجلك} ، ولكل طريقِ هاويةٍ وعود براقة {وعِدهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} .
الإفاقة المبكرة نعمة، واحترام الذات واستقلال التفكير والقناعة الموضوعية قد تكون سببا لنجاتك من مهالك في الدنيا والآخرة.. فلا تبِعْ عقلك لأحد.. ولا تفِق بعد فوات الأوان، لأنك ستفيق على أي حال.. إما هنا وإما عند السكرات، ومواجهة الحقيقة.
- التصنيف: