مع القرآن - فهم الحكمة الإلهية و العمل بها طريق الفلاح
و من أوتي فهم هذه الحكمة الإلهية و العمل بها و الدعوة إليها فقد نال خيراً لا يعادله خير و هو دليل الفلاح بإذن الله و هو طريق الجنة و نعيمها . و من أعرض عن كل هذا و أصر على السير في الطريق المضاد و تعلق قلبه بكل من هو دون الله فجعله لله نداً فلن يجد أثراً لما اختاره إلا الندم و الحسرات , و ذلك فقط بعد ساعات معدودات فعمرك و إن طال ما هو إلا لحظات هينة . { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } [ الإسراء 39] .
الحكمة الإلهية التي اشتملت عليها الرسالة و نزل بها الوحي هي أكبر نعمة أنعم الله بها على أمة محمد صلى الله عليه و سلم .
و من أوتي فهم هذه الحكمة الإلهية و العمل بها و الدعوة إليها فقد نال خيراً لا يعادله خير و هو دليل الفلاح بإذن الله و هو طريق الجنة و نعيمها .
و من أعرض عن كل هذا و أصر على السير في الطريق المضاد و تعلق قلبه بكل من هو دون الله فجعله لله نداً فلن يجد أثراً لما اختاره إلا الندم و الحسرات , و ذلك فقط بعد ساعات معدودات فعمرك و إن طال ما هو إلا لحظات هينة .
{ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } [ الإسراء 39] .
قال السعدي في تفسيره :
{ ذَلِكَ } الذي بيناه ووضحناه من هذه الأحكام الجليلة، {مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } فإن الحكمة الأمر بمحاسن الأعمال ومكارم الأخلاق والنهي عن أراذل الأخلاق وأسوأ الأعمال.
وهذه الأعمال المذكورة في هذه الآيات من الحكمة العالية التي أوحاها رب العالمين لسيد المرسلين في أشرف الكتب ليأمر بها أفضل الأمم فهي من الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا.
ثم ختمها بالنهي عن عبادة غير الله كما افتتحها بذلك فقال: {وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ } أي: خالدا مخلدا فإنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.
{ مَلُومًا مَدْحُورًا } أي: قد لحقتك اللائمة واللعنة والذم من الله وملائكته والناس أجمعين.
قال الطبري في تفسيره :
يقول تعالى ذكره: هذا الذي بيَّنا لك يا محمد من الأخلاق الجميلة التي أمرناك بجميلها، ونهيناك عن قبيحها( مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ) يقول: من الحكمة التي أوحيناها إليك في كتابنا هذا.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } قال: القرآن.
وقد بيَّنا معنى الحكمة فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
{ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } يقول: ولا تجعل مع الله شريكا في عبادتك، فتُلقى في جهنم ملوما تلومك نفسك وعارفوك من الناس {مَدْحُورًا} يقول:
مُبْعَدا مقصيا في النار، ولكن أخلص العبادة لله الواحد القهَّار، فتنجو من عذابه.
وبنحو الذي قلنا في قوله {مَلُومًا مًدْحُورًا} قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله {مَلُومًا مَدْحُورًا} يقول: مطرودا.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة {مَلُومًا مَدْحُورًا} قال: ملوما في عبادة الله، مدحورا في النار.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: