الإمامة عند فرقة المَهْدِيّين
إنَّ الإمامة في فكر المهْدِيّين بالنسبة لمعتقد الشِّيَعة الإِمَامِيَّة بينهما اتفاق واختلاف، اتفاق في أن الإمامة عند الجميع أصل من أصول الدين وركن من أركانه، واختلاف حيث إن المهديين خرجوا عن جموع الشِّيَعة في إثبات إمامة أحمد الحسن اليماني، وزعموا أنه الإمام الثالث عشر، فالأئمة عند المهديين زادوا واحداً، وعند الشِّيَعة اثني عشر إماماً فيكون المهديون بذلك قد خالفوا إجماع الشِّيَعة الإِمَامِيَّة في عدد الأئمة.
إنَّ الإمامة في فكر المهْدِيّين بالنسبة لمعتقد الشِّيَعة الإِمَامِيَّة بينهما اتفاق واختلاف، اتفاق في أن الإمامة عند الجميع أصل من أصول الدين وركن من أركانه، واختلاف حيث إن المهديين خرجوا عن جموع الشِّيَعة في إثبات إمامة أحمد الحسن اليماني، وزعموا أنه الإمام الثالث عشر، فالأئمة عند المهديين زادوا واحداً، وعند الشِّيَعة اثني عشر إماماً فيكون المهديون بذلك قد خالفوا إجماع الشِّيَعة الإِمَامِيَّة في عدد الأئمة.
فالإئمة الاثنا عشر المتفق عليهم عند الشِّيَعة والمنصوص عليهم هم:
"-عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يلقبونه بالمرتضى-، رابع الخلفاء الراشدين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مات غِيلة[1]
حينما أقدم الخارجي عبدالرحمن بن ملجم[2] على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40ه.
-الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما-، ( 3- 50 هـ) ويلقبونه بالمجتبى.
-الحسين بن عليّ-رضي الله عنهما-، (4- 61 هـ ) ويلقبونه بالشهيد.
-عليّ زين العابدين بن الحسين، (38-95هـ) ويلقبونه بالسجّاد.
-محمد الباقر بن عليّ زين العابدين، ( 57-114هـ ) ويلقبونه بالباقر.
-جعفر الصادق بن محمد الباقر، ( 83 – 148هـ ) ويلقبونه بالصادق.
-موسى الكاظم بن جعفر الصادق، (128-183 هـ ) ويلقبونهبالكاظم.
-عليّ الرضا بن موسى الكاظم، ( 148-203هـ) ويلقبونه بالرضى.
-محمد الجواد بن عليّ الرضا، ( 195-220هـ ) ويلقبونه بالتقي.
-عليّ الهادي بن محمد الجواد، ( 212- 254هـ ) ويلقبونه بالنقي.
-الحسن العسكري بن عليّ الهادي، ( 232- 260هـ ) ويلقبونه بالزكي.
-محمد المهديّ بن الحسن العسكري، ( 256 هـ) ويلقبونه بالحجة القائم، ويزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بِسُرَّ مَنْ رأى ولم يعد، وقد اختلفوا في سِنِّه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً، وأنه من اختراعات الشِّيَعة، ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم)[3].
فالأئمة الاثنا عشر الذين تقدم ذكرهم، متفق عليهم بين الشِّيَعة أنهم هم الأئمة المنصوص عليهم، ولا يقول أحد منهم بخلاف ذلك، "والقول بإمامة هؤلاء الأئمة هو من ضرورات مذهب الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية، فلو أن أحداً يُشَكّك في إمامة أحدهم أو يَشُك يكون بذلك خارجاً عن هذا المذهب"[4]، وزاد المَهْدِيُّون على الاثني عشر إماماً اثني عشر مهدياً يخلفونهم، وأن أول المَهْدِيّين هو أحمد الحسن اليماني والذي تحدث عن نفسه في سيرته الذاتية ونقلها عنه صاحب كتاب (البرهان الساطع في الرد على أحمد الكاطع )، يقول: "إنه كان نائماً –أي اليماني- في إحدى المرات، وأتاه الإمام المهدي عليه السلام في المنام وقال له: أنت إمام ومن أبنائي وأنت الإمام المهدي الثاني"[5].
فالمَهْدِيُّون-اليماني وأنصاره-يرون أن الأئمة عددهم أربعة وعشرين إماماً،"وأن اليماني هو الإمام الثالث عشر من الأربعة والعشرين، وهو المهدي الأول من المَهْدِيّين الاثني عشر، وأول مقرب إلى أبيه وسيده الذي أقامه، أي الإمام المهدي محمد بن الحسن وأول مؤمن به"[6]، وخالفوا عموم الشِّيَعة في هذا، وأصبحوا في نظر الشِّيَعة خارجين عن المذهب، وحاولوا إثبات ذلك بالأدلة وبالروايات الواردة عن آل البيت وطوعوها لخدمة غرضهم، وهناك أحاديث وروايات كثيرة نكتفي بذكر بعضها ومنها:
-1أخرج الكليني[7]في الكافي عن محمد بن يحيى عن عبدالله بن محمد الخشاب عن ابن سماعة عن علي بن الحسن بن رباط عن ابن أذينة عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلاميقول: الاثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدَّث من ولد رسول الله ومن ولد علي، ورسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان"[8]، فهذه رواية ذكرها صاحب كتاب(ما بعد الاثني عشر إماماً) وعلق عليها بقوله: واضح من هذه الرواية أن الأئمة ثلاثة عشر، فالأئمة الاثنا عشر المذكورون فيها هم ولد علي، أي إنه خارج عن الاثني عشر"[9].
ويُرد عليهم من قبل علماء الشِّيَعة في أحد الكتب التي تصدت لدعوة اليماني فيقول: "إن من الواضح أن هذه الرواية حصل فيها تصحيف من بعض ألفاظها، لأن هذه الرواية بنفسها قد نقلها الشيخ المفيد[10]في الإرشاد بنحو آخر، وفيها: "عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلاميقول: الاثنا عشر الأئمة من آل محمد كلهم محدَّث، علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولده، ورسول الله وعلي هما الوالدان، صلى الله عليهما"[11]، وثمة نقول أخرى تثبت أن اللفظ الموجود في النسخة المطبوعة مصحَّف من قبل النساخ فلا حجة لهذه الرواية على مدعاهم، بالإضافة إلى ضعف سند الرواية ففيها علي بن سماعة وهو مهمل في كتب الرجال"[12].
-2"وأخرج الكليني أيضاً في الكافي عن أبي جعفر عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي"[13]، ثم يعلق عبدالرزاق الديراوي-أحد أنصار اليماني- بعد استدلاله بهذا النص على إمامة يمانيِّه فيقول: "الاثنا عشر وصياً الذين عدهم جابر هم أبناء فاطمة وعلي زوجها، فلا يكون داخلاً في العدد، بل معه يكون العدد ثلاثة عشر، ويؤكده قوله: وثلاثة منهم علي وهم: علي السجاد وعلي الرضا وعلي الهادي، ولو كان علي بن أبي طالب منهم لكانوا أربعة باسم علي"[14].
والجواب على ذلك عند صاحب كتاب ( الشهب الأحمدية)، فيقول: "وهذه الرواية تُعرف بحديث اللوح، وقد وردت بعدة طرق وبعدة ألفاظ، لكن أحمد إسماعيل وأتباعه تمسكوا بهذا اللفظ دون غيره، فقد روى هذا الحديث الشيخ الصدوق وليس فيه عبارة (من ولدها)، وعليه فتكون عبارة (من ولدها) إما زيادة من النُسَّاخ وتصرف منهم بحسب ما توهمه بعضهم، وليست من أصل الحديث، وعليه فلا يدل الحديث على ثلاثة عشر إماماً"[15].
وقد أكد علماء الشِّيَعة قديماً وحديثاً أن الأحاديث التي تقول بإمامة اثني عشر إماماً متواترة وأن الإمامة محصورة في إمامة اثني عشر إماماً فقط، ومن هذه الروايات: "عن مكحول أنه قيل له: إن النبي قال: يكون بعدي اثنا عشر خليفة، قال: نعم وذكر لفظة أخرى"[16].
فإذا كانت هذه الرواية تبين وتوضح أن عدد الأئمة اثنا عشر إماماً، وأن الذي يقول بخلاف ذلك بأن يزيد في العدد أو ينقص فقد أعده الشِّيَعة خارجاً عن الدين وليس في ولايتهم على شئ، وبهذا يحكمون على اليماني وأتباعه وكل من قال بقوله أو ادعى ما ادعاه.
وفي رواية أخرى تنص على الأئمة الاثني عشر بالاسم وتعينهم، حتى لا يكون مجالاً لمثل هذه الادعاءات، والتي يرويها الحر العاملي[17] فيقول: "حدثنا علي بن الحسن بن محمد قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسامراء قال: حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن الحسن بن علي عن أبيه علي –عليهما السلام- قال: قلت يا رسول الله كم الأئمة بعدكم؟ قال: أنت يا علي ثم ابناك الحسن والحسين وبعد الحسين علي ابنه وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه وبعد موسى علي ابنه وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن، وهكذا وجدت أساميهم على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك فقال: يا محمد هم الأئمة بعدك مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون..."[18]، وعدد من الروايات يؤكد أن الإمام المهدي–عندالشِّيَعة-هوآخرالأئمة وخاتمهم، وتمثل إجماعاً لدى علماء الشِّيَعة ومرجعياتهم، ومثل هذه الروايات وغيرها مما يرويه الشِّيَعة لا تصح لا من قريب أو بعيد عند أهل السنة، لكنه رد الشِّيَعة على الشيعي، أما رد أهل السنة فسيأتي.
ومن هذا القبيل كثير، ويكفي ما ذُكر، فالمهديون يجيئون بالدليل الذي يدعم معتقدهم، وينظرون إلى رواية دون أخرى، ويعتمدون على موضوع أو ضعيف أو مُعَارَض بغيره بهدف الوصول إلى مرادهم، وما بين الروايات المزعومة ما يساعدهم على ذلك، حيث التناقض بينها، فاستغلوا تخبط المرويات لتحقيق غرض الادعاءات.
-----------------------------------------------------
[1] يقال: قُتل فلان فلاناً غِيلة، أي: في اغتيال وخفية، وقيل: هو أن يخدع الإنسان حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله. انظر: تهذيب اللغة، لمحمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبي منصور ، المتوفى: 370ه، تحقيق: محمد عوض مرعب، باب الغين واللام، ج8/171، ط1/2001م، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان.
[2] هو: عبد الرحمن بن مُلْجَم المرادي قاتل علي بن أبي طالبرضي الله عنه ، قرأ القرآن على معاذ بن جبل رضي الله عنه وكان من العباد، ثم كان من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة وشهد معه صفين ثم فعل ما فعل، وهو عند الخوارج من أفضل الأمة، وعند الروافض أنه أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا أهل السنة من نرجو له النار ويجوز أن الله تعالى يتجاوز عنه وحكمه حكم قاتل عثمان والزبير وطلحة وسعيد بن جبير، فكل هؤلاء نبرأ منه ونبغضهم في الله تعالى ونكل أمرهم إلى الله. انظر: الوافي بالوفيات، ج18/172(باختصار)(مرجع سابق).
)2) تقدم ذكرهم والتعريف بهم في التمهيد، ص7-8.
[4] إمامة بقية الأئمة، السيد علي الحسيني الميلاني، ص8، ط1/1421ه، مركز الأبحاث العقائدية بإيران.
[5] للحاج حسين، ص4 (مرجع سابق) (بدون بيانات).
[6] أحمد الموعود، علاء السالم، ص39، ط1/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(138).
[7] هو: محمد بن يعقوب الكليني، يكنى أبا جعفر، ثقة، عارف بالأخبار، له كتب منها: الكافي، توفي سنة 328ه ببغداد، ودفن بباب الكوفة في مقبرتها. انظر: الفهرست، للطوسي، ص211و212 (بتصرف).
[8] أصول الكافي، محمد بن يعقوب الكليني، الجزء الأول والثاني، كتاب الحجة، باب"ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم"، رقم(7)، ص406و407(مرجع سابق).
[9] ما بعد الاثني عشر إماماً، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص28، ط1/1433ه = 2012م، من إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(145).
[10] هو: محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكنى أبا عبدالله، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، ولد سنة 336ه، وتوفي سنة 413ه، وله قريب من مائتي مصنف. انظر: الفهرست، للطوسي، ص238و239(بتصرف).
[11] الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تأليف: الشيخ المفيد، ج2/347، ط1/ 1416ه = 1995م، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، بيروت-لبنان.
[12] الشهب الأحمدية على مدعي المهدوية، الشيخ أحمد سلمان، ص140 (مرجع سابق).
[13] أصول الكافي، للكليني، كتاب الحجة، باب"ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم"، رقم(9)، ص408.
[14] ما بعد الاثني عشر إماماً، عبدالرزاق الديراوي، ص30 (مرجع سابق).
[15] الشهب الأحمدية على مدعي المهدوية، ص146و147(بتصرف)(مرجع سابق).
[16] الخصال، للشيخ ابن بابويه القمي(الصدوق)، الجزء الأول والثاني، صححه: علي أكبر الغفاري، ص474، رقم(33)، تاريخ الطبعة: 1403ه = 1962م، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
[17] هو: محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي، المحدث العالم الفاضل، [1033ه-1104ه]، صاحب الوسائل وغيره من الكتب والرسائل، كان محدثاً كاملاً أخبارياً صلباً، له مؤلفات جمة تقرب من عشرين مؤلفاً أو أكثر، وكان عمره عندما توفي إحدى وسبعين سنة. انظر: غرقاب، ص127-130باختصار.
[18] انظر: الجواهر السَّنية في الأحاديث القدسية، محمد بن الحسن الحر العاملي، ص220، ط1/1402ه = 1982م، مؤسسة الأعلمي، بيروت-لبنان.
- التصنيف: