تمسح المهدية بالدعوة إلى الحاكمية
أحمد علوان
يسعى المهديون جاهدين بدعوتهم وأدلتهم عليها بأن يطوعوا الأدلة لحسابهم، واستدلوا براوية عند النعماني في الغيبة، وفيها:"عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبدالله: بأي شيء يعرف الإمام؟ قال: بالسكينة والوقار، قلت: وبأي شيء؟ قال: وتعرفه بالحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولايحتاج إلى أحد، ويكون عنده سلاح رسول الله، قلت: أيكون وصياً ابن وصي؟قال: لايكون إلاوصياً وابن وصي"
- التصنيفات: مقارنة الأديان -
الدعوة إلى حاكمية الله:
يسعى المهديون جاهدين بدعوتهم وأدلتهم عليها بأن يطوعوا الأدلة لحسابهم، واستدلوا براوية عند النعماني في الغيبة، وفيها:"عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبدالله: بأي شيء يعرف الإمام؟ قال: بالسكينة والوقار، قلت: وبأي شيء؟ قال: وتعرفه بالحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولايحتاج إلى أحد، ويكون عنده سلاح رسول الله، قلت: أيكون وصياً ابن وصي؟قال: لايكون إلاوصياً وابن وصي"[1]، بل مسلمين وأهل كتاب أن يأتوا بكل دليل يستطيعون أن يجندوه لمصلحتهم، ومن بين هذه الأدلة أن اليماني يدعوا الناس والعالم إلى حاكمية الله، ويسمون هذا الدليل براية البيعة لله، حيث جاء عن أحد أنصار اليماني -علاء السالم- قوله: "وأما رفعه راية البيعة لله فيكفي السيد أحمد الحسن عليه السلام صدقاً انفراده من بين أهل الأرض بدعوته إلى حاكمية الله ورفض حاكمية الناس بكل صورها بعد أن انضوى الجميع تحت الديمقراطية الأمريكية"[2]، ويرون أن هذا دليلاً على دعوته، حيث أعلن اليماني في رسالة وجهها لأنصاره خارج العراق يقول فيها:"انظروا في ملكوت السماوات، واسمعوا من ملكوت السماوات، وآمنوا بملكوت السماوات فهو الحق الذي آمن به الأنبياء والأوصياء، وكفر به العلماءغيرالعاملين الذين حاربوا الأنبياء والأوصياء في كل زمان، وهاهم في آخر الزمان يحسبون، ويحتسبون أمريكا وديمقراطيتها وانتخاباتها، ولايحسبون لله حساباً {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:74]، ولا يحتسبون الله وحاكميته وتنصيبه لخليفته سبحانه وتعالى ، فأمسوا صورة للدجال الأكبرأمريكا،كما أن الأنبياء والأوصياء صورة لله سبحانه وتعالى ، اقرؤواالقرآن، وتدبروا القرآن وقصص الأنبياء والأوصياء خلفاء الله في أرضه، والأمم الغابرة التي كذبتهم، وقادة تلك الأمم من العلماءغيرالعاملين، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وانظروا هل تعدى صاحب الحق سيرة ومسيرة وسنة الأنبياء والأوصياء؟وهل أخطأ أعداؤه من العلماءغيرالعاملين سيرة ومسيرة وسنة أعداء الأنبياء والأوصياء؟والله ماقلت إلاماقال آبائي الصالحون، الذين أوصوا الناس بنصرتي، وذكروني في وصاياهم، نوح وإبراهيم وإسماعيل ومحمد وعلي والحسن والحسين والأئمة: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الزخرف:28]، وما قال العلماء غيرالعاملين إلا ما قال النمرود وفرعون وأبوسفيان والوليد-لعنهم الله-قَالَ {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء:27]، جئت لأشهد للحق، وأقول الحق، ولدت لهذا، وسأموت على هذا إن شاء الله، أما أنتم، فإن أردتم أن تشهدوا للحق فاشهدوا، ولكن إن وجدتم مرارته وثقله فاحمدوا الله على ما أنعم عليكم، فإن الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، واعلموا أن دعوتكم هي دعوةكل الأنبياء والأوصياء، فاعملوا وكونوا شهداء على الناس،كما أن الرسول شهيد عليكم، وسيرى الله عملكم ورسوله والأنبياء والأوصياء والمؤمنون، واصبروا وصابروا ورابطوا، واحتجوا على أهل كل كتاب بكتاب،واحتجواعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم، فقضيتكم
مذكورة في إنجيلهم ليس إجمالاً، بل بالتفصيل"[3].
وفي هذا الجزء من الرسالة تتضح مزاعم اليماني وضلالاته، التي يبثها في أتباعه داخل العراق وخارجها، حيث أخبرهم فيها أن هناك علماء غير عاملين عملوا حساباً لديمقراطية أمريكا ولم يعملوا حساباً لله، وأن دعوته هي دعوة الأنبياء والأوصياء، ثم طلب منهم أن يعملوا ويشهدوا على الناس كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً عليهم.
وقد بالغ اليماني في استدلالاته واستشهاداته، فقد أخبر أن المسيح عيسى عليه السلام بشر به، واستدل بهذا النص من إنجيل يوحنا، والذي جاء فيه: "إن ليَ أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم،ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية"[4]، هذا نص في الكتاب المقدس ما دلالته على زعمك؟ إن سيدنا-عيسى- عليه السلام كانت رسالته خاصة ببني إسرائيل، فما صلته بأمة محمد؟ فضلاً عن صلته بأناس مثل اليماني الذي لم يذكر نبي الأمة أصلاً، ويصر اليماني بأن نبي الله عيسى بشر به، فيقول: فهذا عيسى يبشر بي في الإنجيل الذي يعترفون به ويقرونه[5].
إن هذا الاستدلال من قبيل الشعوذة والكهانة، فالنص واضح وجلي، ولا يدل بأي وجه على أحد ولم يذكر أحداً، لكن عادة اليماني أنه يأخذ ما يروق له، ويقول بأنه ولي وأنه المخاطب به، ولا توجد ثمة قرينة تشير إلى ما يدعيه اليماني، ثم ما العلاقة بين المسيح عيسى عليه السلام وبين من يأتي بعده سواء كان على ملته أو مخالفاً له، هذا كله إن افترضنا صحة ما جاء في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، فنحن المسلمين لا نسلم بما جاء فيه، إذ هو محرف كما أخبرنا ربنا في القرآن الكريم، فكيف يستدل اليماني المزعوم بمثل هذا، ويجعله دليلاً على دعوته.
إن أنصار اليماني يزعمون أنه وحده يدعو إلى الله وإلى الحكم بالله، وليس غيره يدعو إلى ما يدعو إليه، فكل من على ظهر الأرض يدعون إلى حاكمية الناس،"على الناس أن تعرف أن الحق في هذا الزمان محصور بشخص واحد، وصاحبه وحده فقط يرفع حاكمية الله شعاراً ونهجاً إلهياً يدعو إليه، فلا يحتاج الإنسان إلى شيء لمعرفة الحق وداعيه سوى أن يعرف أن دين الله هوحاكمية الله، فينظر إلى أصحاب الرايات المرفوعة ويرى راية الحق الوحيدة بينها وعلامتها الدعوة إلى حاكمية الله ليعرف صاحبها الموعود"[6]، ويَدَّعي اليماني أن الناس يعملون حساباً لأمريكا لا لله، وقد ألف كتاباً في ذلك أسماه (حاكمية الله لا حاكمية الناس)، وفيه تحدث عن الديمقراطية باعتبارها حاكمية الناس، وأن الناس يحتكمون بها-من وجهة نظره- وفي حديثه ربط الديمقراطية بأمريكا حيث هي التي تروج لها في كل دول العالم وتمارس الديكتاتورية في عقر دارها، وأخذ يتهم العلماء بالنفاق؛ لأنهم لا يقولون بحاكمية الله ولا يطبقون شرع الله، وهذا نص كلامه إذا يقول: "ومع أن الجميع ينادون بحاكمية الناس والانتخابات سواء منهم العلماء أم عامة الناس، إلا أن الغالبية العظمى منهم يعترفون أن خليفة الله في أرضه هو صاحب الحق، ولكن هذا الاعتراف يبقى كعقيدة ضعيفة مغلوبة على أمرها في صراع نفسي بين الظاهر والباطن، وهكذا يعيش الناس وبالخصوص العلماء غير العاملين حالة نفاق تقلق مضاجعهم وتجعلهم يترنحون ويتخبطون العشواء، فهم يعلمون أن الله هو الحق، وأن حاكمية الله هي الحق، وأن حاكمية الناس باطل ومعارضه لحاكمية الله في أرضه، ولكنهم لا يقفون مع الحق ويؤيدون الباطل"[7].
وحيث إن علماء الزمان منافقون في نظر اليماني لأنهم يقولون بحاكمية الناس لا حاكمية الله، فيجب على العامة ألا يتبعوهم، فيقول:"والمهم أن على عامة الناس أن يجتبنوا اتباع العلماء غير العاملين، لأنهم يقرون حاكمية الناس والانتخابات والديمقراطية التي جاءت بها أمريكا(الدجال الأكبر)-على حد وصفه-، وعلى الناس إقرار حاكمية الله وإتباع الإمام المهدي عليه السلاموإلا فماذا سيقول الناس لأنبيائهم وأئمتهم؟ وهل يخفى على أحد أن جميع الأديان الإلهية تقر حاكمية الله وترفض حاكمية الناس، فلا حجة لأحد في اتباع هؤلاء العلماء بعد أن خالفوا القرآن والرسول وأهل البيت وحرفوا شريعة الله سبحانه وتعالى ، وهؤلاء هم فقهاء آخرالزمان الذين يحاربون الإمام المهدي، فهل بقي لأحد ممن يتبعهم حجة بعد أنا تبعوا إبليس-لعنه الله- وقالوا بحاكمية الناس؟!"[8].
هكذا يرى اليماني معارضيه ومن ليسوا على منهجه، أنهم محرفون للشريعة، ومحاربون للإمام المهدي، واتهم العلماء بأنهم أتباع إبليس، إذاً فمن الواضح أن اليماني وحده هو الذي يدعوا إلى حاكمية الله، وكل من سواه يدعون إلى حاكمية الناس، وبالتالي فيجب على الناس والعوام أن يتركوا منهج العلماء وأن يتبعوا اليماني، حيث إن العلماء مخالفين واليماني على الصواب-من وجهة نظر اليماني فقط-.
[1] الغيبة، للنعماني، ص249(مرجع سابق).
[2] رسالة في وحدة شخصية المهدي الأول والقائم واليماني، علاء السالم، ص43(مرجع سابق).
[3] رسالة الهداية، رسالة من السيد أحمد الحسن، أجاب فيها سائلين من الأنصار، ص10و11، ط2/1431ه = 2010م، إصدارات أنصار الإمام المهدي، العدد(50).
[4] إنجيل يوحنا، 16/12و13، ط5/2006م، دار الكتاب المقدس بمصر.
[5] رسالة الهداية، ص11(مرجع سابق).
[6] المعترضون على خلفاء الله، الشيخ علاء السالم، ص41، ط2/1433ه = 2012م، إصدارت أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، مطبعة أيبكس، بيروت-لبنان.
[7] حاكمية الله لا حاكمية الناس، تأليف: السيد أحمد الحسن، وصي ورسول الإمام المهدي، ص16، ط2/1431ه = 2010م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(81).
[8] المرجع نفسه، ص19و20.