استئصال للعلمانية من التعليم التركي
لعل أحد أهم أسباب الإشكاليات الكبيرة في المناهج التركية والتي يدور الجدل في تركيا بشأنها منذ وقت طويل أن هذه المناهج في الغالب قد أعدت في العهود الانقلابية وأن عددا كبيرا من المواطنين دائما ما يتقدمون بشكاوى حول تأذيهم من بعض الكلمات التي ترد في المقررات الدراسية ومن التركيز الشديد على بعض المعاني مثل العلمانية و اتاتورك وحياته في كل المراحل الدراسية خاصة الأولى. وتدور الحوارات حول مواضيع الدين والتاريخ وقواعد الحياة والثقافة بشكل كبير مقارنة بالرياضيات والمقررات العلمية.
لم يتوقف الجدل بشأن العملية التعليمية حيث دار الجدل كثيرا حول المناهج وساعات الدراسة والمدارس الخاصة واختيار المعلمين ورواتبهم وكان جزء من أزمة الحكومة مع جماعة غولن بسبب إغلاق الدولة للمدارس الخاصة التابعة للجماعة، لكن الجدل الحالي حول المناهج التعليمية في تركيا ازداد مؤخرا بعد أن أعلن وزير التعليم عصمت يلماز في يناير 2017 أن المناهج التجريبية "وليست النهائية" قد أعدت و ابتداء من السنة القادمة سوف يتم العمل بالمنهج الجديد للصف الاول والخامس والتاسع . وستشمل عملية التعديل بعد ذلك بقية المناهج.
وتشمل عملية التغيير 53 كتاب مدرسي. تم تأجيل اثنين منها والبدء في 51 مقرر مدرسي وتعد عملية التغيير هذه الأولى بعد 10 سنوات حيث كان آخر تغيير كبير في المناهج قد تم في العام 2007. علما أن بعض التغييرات القليلة قد تمت مثل إضافة درس عن حادثة انقلاب 15 تموز بعد فشل المحاولة مباشرة. وقد استمرت عملية تغيير المناهج أكثر من سنتين تقريبا.
لعل أحد أهم أسباب الإشكاليات الكبيرة في المناهج التركية والتي يدور الجدل في تركيا بشأنها منذ وقت طويل أن هذه المناهج في الغالب قد أعدت في العهود الانقلابية وأن عددا كبيرا من المواطنين دائما ما يتقدمون بشكاوى حول تأذيهم من بعض الكلمات التي ترد في المقررات الدراسية ومن التركيز الشديد على بعض المعاني مثل العلمانية و اتاتورك وحياته في كل المراحل الدراسية خاصة الأولى. وتدور الحوارات حول مواضيع الدين والتاريخ وقواعد الحياة والثقافة بشكل كبير مقارنة بالرياضيات والمقررات العلمية.
ومن جهة أخرى برزت إزاء التعديل المحتمل للمناهج معارضة من الجهات العلمانية فقد أعلن حزب الشعب الجمهوري أنه سوف يقف ضد المناهج التي أعدتها حديثا وزارة التعليم الوطني مدعيا أنها تهاجم القيم الوطنية وخاصة لأنها سترفع مصطلح الأتاتوركية من المناهج بشكل كامل ويتوجه الانتقاد بشكل اساسي لمنهج الصف الاول ومقرر قواعد الحياة الذي يركز حاليا على ريادة اتاتورك وصوره وكذلك عصمت اينونو ، ويريد حزب الشعب الجمهوري استمرار التركيز على معاني الأتاتوركية والعلمانية وخاصة ما يتعلق بأتاتورك وسيرة حياته. وكذلك رفض اتحاد العلويين في تركيا التعديلات الجديدة وقال انها ستنشيء جيل يعادي العلويين واستشهد بحذف نظرية التطور من المناهج واسم عصمت اينونو.
وبناء على طلب وزارة التعليم آراء الناس والمؤسسات وأولياء الأمور في المناهج التجريبية الجديدة انتهت مؤخرا عدد من المؤسسات العامة والخاصة من وضع ملاحظات وتوصيات متعلقة بالمناهج التركية التجريبية تحت إشراف مؤسسة التربية والتعليم المختصة بالمناهج والتابعة لوزارة التعليم وقد أطلقت مؤسسة ايتيم سن التي تقوم بدور كبير في هذا الاطار على هذه العملية " دمقرطة المناهج.. الاصلاح المتأخر" وفي السنوات الاخيرة حدثت تطورات في مجال التعليم في تركيا لكنها لم تشمل المناهج بشكل مؤثر.
وقد تفاعل عدد كبير من المواطنيين حيث تلقت الوزارة أكثر من 90 الف رد عبر فيسبوك وأكثر من 530 مليون تفاعل عبر تويتر وزار حساب الموقع 19 مليون زائر ووصل إلى الموقع خلال الفترة المعلنة 8000 بريد إلكتروني، كما وصل موقع الوزارة 175 ألف مساهمة وتتمحور هذه المساهمات حول آراء الناس والمؤسسات حول بعض الدروس حيث يطلب البعض حذف موضوع ما أو إضافة موضوع أو درس ما أو يعبر البعض عن تأذيه من موضوع معين.
وعلى سبيل المثال ستضاف عدد من الدروس مثل درس 15 تموز ويتحدث عن احداث المحاولة الانقلابية الفاشلة وموقف القيادة و الشعب التركي منها، ودرس عزيز سنجار عالم الوراثة التركي الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء، أما الدروس التي تم حذفها فمنها درس عصمت اينونو من كتاب التركي المعاصر وتاريخ العالم ودرس نظرية التطور من كتاب الاحياء في المرحلة الثانوية وسيضاف بدلا منه درس الاحياء والبيئة وقد قال وزير التعليم بأن الموضوعات الإشكالية لابد من نقاشها بعيدا عن المنهج المقرر. كما تم العمل على تقليص عدد الدروس التي تتحدث عن اتاتورك. وفي درس قواعد الدين الأساسية الاختياري في المدارس الإعدادية سيتم حذف الحديث عن العلمانية والالحاد واعتبارها كلمات إشكالية .
ويتهم معدو المنهج التجريبي بأنهم يريدون جعل اتاتورك شخصا عاديا في أعين الطلاب بعد أن جعلته المناهج شخصا استثنائيا وفوق العادة وقد دافع وزير التعليم عن موقف الوزارة وقال أن الوزارة لا تريد حذف المواضيع المتعلقة بأتاتورك بل ستضعه في المكان المناسب. وعلى كل حال تلقت الوزارة الملاحظات من الجميع وينتظر اعتماد المقررات النهائية للمناهج التركية والتي سيكون لها أثر كبير على ثقافة الطلاب ونظرتهم وسلوكهم السياسي والاجتماعي مستقبلا.
الكاتب: محمود الرنتيسي.
- التصنيف:
- المصدر: