مع القرآن - الفرار بالدين خوفاً من الفتن

منذ 2017-04-21

و في هذا رسالة و بيان لمن عجز عن إقامة دينه و المحافظة عليه : أن أرض الله واسعة و ستجد الخير إينما حللت و مهما طال الألم فإنما الدنيا مجرد رحلة قصيرة يعقبها بإذن الله فرح دائم و سعادة لا تزول أبد الدهر في بلاد الأفراح الحقيقية حيث الأنهار و الظلال و الحور . { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا } [الكهف 16] .

لم تعد لهم طاقة و لم يبق لهم سوى طلب النجاة , و إلا فمكثهم يعني القبول بالشرك أو الوقوع في فتنة تدريجية تقتات من دينهم .
حيرة و شدة و بأساء لم يعد معها حل إلا اعتزال المشهد بكل من فيه و طلب العون من الملك سبحانه .
نفس ما وقع لمحمد صلى الله عليه و سلم و الثلة المؤمنة المضطهدة معه في مكة قبل الهجرة , لم يعد من حل إلا البحث عن دار جديدة تأويهم و إن لم تتقبل دينهم فعلى الأقل تسمح لهم بممارسة الدين دون أذى أو اضطهاد .
لما اشتد الحال بهؤلاء الشباب ,تخلوا عن حولهم و قوتهم و تسربلوا بحول الله و قوته فنشر الله لهم الرحمة و تحولت رحلتهم إلى معجزة بمجرد مفارقتهم للديار فراراً بالدين .
و في هذا رسالة و بيان  لمن عجز عن إقامة دينه و المحافظة عليه : أن أرض الله واسعة و ستجد الخير إينما حللت و مهما طال الألم فإنما الدنيا مجرد رحلة قصيرة يعقبها بإذن الله فرح دائم و سعادة لا تزول أبد الدهر في بلاد الأفراح الحقيقية حيث الأنهار و الظلال و الحور .
{ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا } [الكهف 16] .
قال السعدي في تفسيره :
أي: قال بعضهم لبعض، إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم وأديانكم، فلم يبق إلا النجاء من شرهم، والتسبب بالأسباب المفضية لذلك، لأنهم لا سبيل لهم إلى قتالهم، ولا بقائهم  بين أظهرهم، وهم على غير دينهم، { فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ } أي: انضموا إليه واختفوا فيه {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا } وفيما تقدم، أخبر أنهم دعوه بقولهم { ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا } فجمعوا بين التبري من حولهم وقوتهم، والالتجاء إلى الله في صلاح أمرهم، ودعائه بذلك، وبين الثقة بالله أنه سيفعل ذلك، لا جرم أن الله نشر لهم من رحمته، وهيأ لهم من أمرهم مرفقا، فحفظ أديانهم وأبدانهم، وجعلهم من آياته على خلقه، ونشر لهم من الثناء الحسن، ما هو من رحمته بهم، ويسر لهم كل سبب، حتى المحل الذي ناموا فيه، كان على غاية ما يمكن من الصيانة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 3
  • 0
  • 7,680
المقال السابق
منطق أهل الكهف أمام جهل المشركين
المقال التالي
(حفظ الله ) كرامة لأهل الكهف

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً