مخاوف الضياع والنسيان
مدحت القصراوي
كل هؤلاء يُخشى أن يصبحن هن جزءا من تقاليد جيل يمضي ! وأن تتخطى بناتهن هذا الجيل إلى مرحلة أخرى يشرف عليها أقذر الخلق في الإعلام والفن بل وفي التعليم الهابط الذي نعانيه، وأن ينظر هذا الجيل الجديد للأمر أنه تقاليد جيل قديم.
- التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام -
مخاوف الضياع والنسيان:
ومن علم ما سبق وقررناه من عظم مسؤولية وتأثير تربية الأبناء في محيط وأوساط مختلفة وفي أعمار وأحقاب قادمة لا ندركها ولكن يبقى تأثيرنا فيها بسبب عملنا إيجابا أوسلبا أو تقصيرا..
عندئذ يدرك المسلم أن هذه التربية يجب أن تكون أول شغل شاغل بعد النفس..
وبحث المسلم عن مناهج التربية أو طرقها أو مشايخها ومعلميها هو أمرحيوي ويدل على صحة الانتباه والالتفات لعظم المسؤولية..
البعض يكتفي أن يكون تعليم أبنائه أزهريا ويظن أن هذا يعني التدين.. وهذا وهْم لا صحة له، وعندما نحتك ببعضهم (ذكورا وإناثا) نجد الأمر خواء لا مضمون له.
والأشد أن بعض المتدينين يُلحق أولاده بتعليم أجنبي ويفخر بذلك! ولا ينظر إلى تأثير ذلك على هوية الأبناء وانتمائهم وعلاقتهم بثقافتهم.. أنا لا أعيب ولا أخطّيء بل فقط هنا أنبّه.. هم ينظرون إلى مستوى التعليم ومستوى المدارس دون النظر إلى بقية الجوانب.
حفظ المتون في الصغر و(اللماضة بالمصطلحات الإسلامية) لا تعني الالتزام.. فالالتزام والتدين حالة للقلب والمشاعر وتصور ومأخذ للحياة، وتعبد وعمل وترك، وكفاح ونضال لغاية.. إنه شجرة تُروَى وكائن يُرَبّى.
إن الأمر مخوف، والمسؤولية لا تنتهي عند بناء الأجسام وتمرير مراحل التعليم؛ فهذا التصور مصيبة ! وهو يؤدي إلى مرور السنوات بلا شعور، ثم تكون المفاجأة في كل مرحلة أن قفزةً قد حصلت للأبناء.. وغالبها تكون قفزة بعيدة.
إنني يختلجني دائما شعور مرعب ـ لولا ثقتي بدين الله تعالى وأن الله ناصره ـ وهو أن طبقات من المتدينين وقطاعات من الملتزمين ستصير بمرور الزمن (ماضيا).
وأن المرأة المنتقبة والمحجبة اليوم والتي حاربت التقاليد بالأمس لتنتقب هي، وواجهت ثقلا اجتماعيا ضخما ومعاناة ومقاساة شديدة بين أبويها وأخواتها وجيرانها وأرحامها وزملائها بل وواجهت الشارع نفسه والمواصلات وغيرها لتدافع عن حقها في امتثال ما أمر الله وتفرضه كواقع.. وكذا المختمرة بحجاب شرعي حقيقي، وليس تلفيقا..
كل هؤلاء يُخشى أن يصبحن هن جزءا من تقاليد جيل يمضي ! وأن تتخطى بناتهن هذا الجيل إلى مرحلة أخرى يشرف عليها أقذر الخلق في الإعلام والفن بل وفي التعليم الهابط الذي نعانيه، وأن ينظر هذا الجيل الجديد للأمر أنه تقاليد جيل قديم.
قد تجد على هذا الخوف دليلا متكررا كل لحظة، وهو أن المنتقبة المجلببة والتي تخُب في ملاءتها تنزل تشتري لابنتها بناطيل ضيقة وملابس ضيقة وتمشي معها ولا مشكلة.. وترى الصورة مزدوجة؛ هذا حجاب يأتمر بالشرع وهذا تبرج فاحش يلفت الأنظار ويثير غرائز الناس..!
فإما أن تكون المحجبة غير مقتنعة بما تقوم به، وهو عجيب ! أو لا تعرف قيمته ! أو لا تريده ولا تريد أن تراه في ابنتها، وهو أعجب..!! وهو لا يصدر عمن يمتثل أمر الله، وهو خلاف شعور(عباد الرحمن) وهم يتمنون أن يروا أبناءهم على طريقهم في طاعة ربهم تعالى {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} قال السلف: لم يطلبوا صباحة وجه وملاحة حسن، بل طلبون أن يكونوا على طاعة الله.
بقي فقط احتمال أن تكون هناك سفاهة غير مبررة وغيبوبة مستغرقة وانفصام نكد.
هنا ندرك محورية وأهمية شأن التمكين..
يتبع إن شاء الله..