الطريق إلى حادث منشية جديد

منذ 2011-04-10

في عام 1948 حدثت حرب فلسطين التي شارك فيها الجيش المصري ضمن الجيوش العربية ومني الجيش المصري بهزيمة فادحة بسبب استخدام أسلحة فاسدة، ولم يكد يمر هذا العام حتى جاء العام 1949 ليتم اغتيال الشيخ حسن البنا ...

 

في عام 1948 حدثت حرب فلسطين التي شارك فيها الجيش المصري ضمن الجيوش العربية ومني الجيش المصري بهزيمة فادحة بسبب استخدام أسلحة فاسدة، ولم يكد يمر هذا العام حتى جاء العام 1949 ليتم اغتيال الشيخ حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان وقد شكلت القضيتين مع عبث الملك فاروق بالحياة البرلمانية قوائم كرسي الثورة ثلاثي القوائمر(الأسلحة الفاسدة ، اغتيال البنا وعبث الملك بالحياة البرلمانية) وكانت هذه الأحداث هي التي عجلت بإنقلاب 23 يوليو التي نظمها مجموعة من شباب الظباط ولقبت بحركة الظباط الأحرار بدعم من جماعة الإخوان المسلمون التي حشدت الدعم الشعبي لتلك الحركة بصفتهم الفصيل الأكثر تألما من اغتيال حسن البنا.


وجاء العام 1953 وفيه استتب الأمر للثوار بعد خلع ولي العهد الملك أحمد فؤاد الثاني وإقامة جمهورية مصر العربية وبذلك انتهى حكم محمد علي الذي استمر زهاء القرنين وهنا نذكر أربعة حوادث حدثت بعد ذلك الحادثة الأولى تمثلت في رفض الإخوان أن يقتصر تمثيلهم الوزاري على حقيبتين وزاريتين وكانت هذه الحادثة هي بداية اتساع الهوة بين الظباط الأحرار الذين صارت لهم الكلمة العليا في مصر مع جماعة الإخوان أصحاب النفوذ الشعبي الهائل ، وفي نفس الوقت كانت هناك دعوى لإنتخابات برلمانية ولكن خشيت القوى السياسية في ذلك الوقت أن تسيطر أحزاب القصر التي طالما أفسدت الحياة السياسية على البرلمان الجديد (هل تجد أي تشابه بين هذه الحالة وبين قصة الرافضين للتعديلات الدستورية ) وبذلك ألغى جمال عبد الناصر الأحزاب وصادر الحياة الحزبية وصار الإتحاد الإشتراكي هو وسيلة النشاط السياسي الوحيدة في مصر بجانب القوة الأخرى وهي جماعة الإخوان المسلمين التي صارت تشكل قوى موازية للشرعية الجمهورية.


ثم جاء عام 1954 وفي خطاب جمال عبد الناصر حدثت محاولة اغتيال فاشلة عند ميدان المنشية بالإسكندرية واكتست تلك الحادث بالطابع الميلودرامي ففي الوقت الذي انهالت فيه طلقات الرصاص قفز عبد الحكيم عامر ليحتضن جمال ليحمية من طلقات الرصاص وخرجت كلمات غاضبة من عبد الناصر عن محاولته قتله وانصبت الإتهامات على فردين من المنتمين لجماعة الإخوان وهما هنداوي دوير وإسماعيل الفيومي الحارس الخاص لعبد الناصر وكانت هذه الحادثة شرارة البدء في تصفية الإسلاميين في مصر عموما والإخوان خصيصا حملة إنطلقت من الصحف بمساعدة المباحث العامة والشرطة العسكرية وفيه دارت رحى التعذيب في وحشية حتى زهقت عشرات الأرواح وتعرض العشرات للتعذيب الشديد ولعل أشهر الوقائع التي سجلت في تلك الحقبة هي حادثة ليمان طرة حيث قتل حوالي 15 إخوانيا في يوم واحد


وفي عام 1965 أرسل بعض ظباط الجيش من الإخوان من اليمن لأخيه بقنابل صوت وأمره بالاحتفاظ بها لاستخدامها يوم فرحة على سبيل المجاملة ولكن أخاه كان مدمنا للدخان وكان دائم الإستدانة ليشرب الدخان من تاجر اسمه يوسف القرش وذات يوم رفض القرش أن بيبع له المزيد من السجائر لحين سداد دينه فاهتدى إلى أن يقايضه بالقنابل الصوتية مقابل أن يسقط ديونه ويعطيه مزيدا من الدخان وتناقل أهل البلد القصة وسمع بها ابن عمدة القرية الذي كان على عداوة مع يوسف القرش فأبلغ عنه الشرطة وكان المأمور في ذلك الوقت جالسا مع أحد أساطين المباحث الجنائية العسكرية فتندر بالبلاغ وأخبر به صديقه إلا أن الأخير قال إن هذا الكلام يهمنا فدارت رحى التعذيب ليعترف المسكينان بقضية لا يعلمون عنها شيئا فاضطرا للكذب لإنقاذ أنفسهما من العذاب وإختلاق القصص وادعوا أن هناك محاولة لقلب نظام الحكم إلا أن المزيد من التعذيب لم يسفر عن مزيد من المعلومات من هذين المسكنين ولكن المباحث الجنائية العسكرية قد طيروا الخبر وأبلغوا به الرئيس عبد الناصر فأعلن وقتها في خطبة بنادي الشباب السوفيتي أنه قد سامح الإخوان من قبل في عام 1954 لكنه لن يكون رحيما معهم بعد الأن وصدق فعلا فبعد هذا الخطاب اتسعت دائرة الإعتقال لتشمل كل الإخوان بل وكل المنتمين للتيار الإسلامي حتى إكتظت المعتقلات تماما بالمعتقلين ودارت رحى التعذيب لتفتش عن خطة لا وجود لها والمصيبة أن الكذب كان لا يفيد لأنهم كانوا يبحثون عن قضية متكاملة ولم تسلم النساء والأطفال والشيوخ من التعذيب وقتل العشرات بالسجن الحربي بمدينة نصر (في موقع مركز البولينج وبانوراما حرب أكتوبر الأن )ليحاكم المئات من الإخوان بتهم وهمية أعدم على أثرها سيد قطب وعدد من إخوانه وحكم على عدد أخر بالسجن لمدد متفاوته وتم تغييب الإخوان في السجون ولم يخرجوا إلا بعد هلاك عبد الناصر.


هل تجد تشابها في أحداث تلك القصة مع أحداثنا المعاصرة ؟ هل الإفتراءات اليومية في الجرائد الصفراء على السلفيين مقدمة لحادثة منشية جديدة ؟ تكون مقدمة لسحق التيار الإسلامي كله عامة والسلفي خاصة ؟ هل تكون بداية لحادثة مفبركة تعطي ذريعة لطائفة ما أو لرئيس قادم لإقصاء الإسلاميين ممثلين في أقوى أحزابهم تمثيلا في الشارع وهم السلفيين ؟ هل إستشعرت النخبة العلمانية والليبرالية من خطورة تنامي التيار السلفي إلى الحد الذي أقض مضاعهم وأصابهم بالرعب بعد أن قفزوا على ثورة الشباب وادعى كل منهم قيادته لها وصار يتكلم بإسم الشباب؟ هل الأجندات الغريبة على مجتمعنا مثل إقصاء دور المسجد تماما في الحياة السياسية لها معنى الأن؟ ما معنى الإصرار المريب وغير البرئ على إقحام الكنيسة في الثورة على الرغم من الرفض الصريح للأنبا شنودة ومساعديه لخروج الأقباط في الثورة ؟ لماذا يتم تجاهل أن الأنبا شنودة كان من أهم دعائم النظام السابق وطالما أعلن تأييده لمبارك ومن بعده نجله جمال ؟ لماذا تم تجاهل هذا كله ؟ لماذا التواطئ المحموم الأن للدفاع عن قضية الأضرحة المهدمة حتى صارت قضية الأضرحة قضية أمن قومي؟ لماذا التهافت على القساوسة للكتابة في الجرائد المشبوهة إياها ليتكلموا في السياسة ومن كل الطوائف النصرانية مع حملة إستنكار عاتية لأي حديث سياسي يدور من خلال المسجد ؟ لماذا الحملة المحمومة على السلفيين هذه الأيام ؟


هل هي جزء من الثورة المضادة ؟ أو هي جزء من أجندات خارجية بهدف إقصاء الإسلاميين ؟ أم تراها أحد ألاعيب أمن الدولة والصحف التي كان يكتب فيها المحررين ما يمليه عليهم أسيادهم من ظباط أمن الدولة ؟ هل المطلوب أن يقول الناس أن أمن الدولة كانت تمنع هؤلاء الناس عنا ؟ هل المطلوب أن يشتاق الناس اليوم إلى أمن الدولة أو يطالبوا بقوانين إستثنائية خاصة بالإسلاميين ؟ ومن المستفيد من ذلك ؟

هل ما يحدث الأن محاولات لحادثة منشية جديدة لم تنجح حتى الأن ؟ فلا السلفيين من قطعوا أذن الرجل النصراني ولا هم من حرقوا بيت المرأة بالمنوفيه ولا هم من هدموا القبور (ولا ثبت حتى وجود رفات بداخلها أصلا كما هو متوقع ) ؟
هل يشبه دور الشيخ القرضاوي الأن - الذين كان أحد من نكل بهم أيام عبد الناصر - دور الشيخ حسن المأمون شيخ الأزهر في ذلك الوقت ؟ الذي كان يصدر بيانات تنديد بما يفعله "المجرمون" من الإخوان ؟

من يضحك على الشيخ القرضاوي الأن ويدفعه إلى حفر عدائية مع أبناء الصحوة ؟ من يدفعه إلى تهييج الرأي العام عليهم ؟ لماذا الحمية المبالغ فيها الأن من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية حول قضية الأضرحة واتهام هادميها بالخروج عن الإسلام ؟ هل هذا جزء من اللعبة الإعلامية التي لعلهم انجرفوا إليهم بدون وعي "؟


ترى ماذا بعد حادثة المنشية الجديدة ؟ هل ستمارس حفلات تطبير جديدة يتم التبرؤ فيها من مزيد من الثوابت من أجل اتاحة فرصة لفصائل إسلامية أخرى للإندماج في الحياة السياسية؟ هل يكون السلفيين أخر ضحايا حادثة المنشية الجديدة ؟

والسؤال الأخطر الذي يلوح في الأفق الأن ؟ متي وأين ستحدث حادثة المنشية الجديدة ؟ ومن سيكون سيد قطب لهذا الحقبة ؟ ومن يدير كل هذه الأحداث من وراء الستور ؟


يبدو لي أن إجابات هذه الأسئلة لن تظهر إلا مع إنقشاع غبار حادث المنشية الجديد وربما تظهر الحقائق بعد مقتل سيد قطب هذه الحقبة وربما بعشرات السنين. 

 
06-04-2011 م
 
المصدر: مروان عادل - موقع المسلم
  • 1
  • 0
  • 3,983

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً