البيوت المؤمنة.. السكن والنجاح

منذ 2017-05-04

إن بيوتا في شمال الأرض وجنوبها وشرقها وغربها قد حرمت نفسها من معنى الإيمان وغفلت عن رونق العبودية، لتشكو ليل نهار من قسوة الحياة، وضيق الصدر، وظلام الداخل، وقسوة نفوس أبنائها على بعضهم البعض، فنراها - برغم أموالها المتكاثرة، وإمكاناتها التكنولوجية الباهرة، وقد تفسخت أوصالها، وسكن الشيطان في صدور أفرادها، فصاروا أنماطا متفردة مستقلة متنازعة، لا رابط بينها، إلا ماديات الحياة.

بيوتنا المؤمنة سكننا وموئلنا بعد التعب والنصب والكد والجهد، وراحتنا بعد مشقة الحياة ومكابدة همومها، محضن التربية القويمة، ومنطلق الاسر الناجحة الصالحة.

 جدرانها مضيئة في الليل بذكر الله وعبادات تقواه، وباطنها ملئ بالسكينة والهدوء والرضا والطمأنينة قال سبحانه:" وهو الذي جعل لكم من بيوتكم سكنا "

 وعندما يصير ذلك البيت الهادئ بيتا مؤمنا، يكتسب جميع صفات الفضيلة، وتكسوه سمات الحسن كلها، فتملأه البركة وتتنزل فيه الملائكة، ويحفظ الله أصحابه.

 إن بيوتا ربما كانت من أوبار الأنعام أو من قماش الخيام أو من الطين النيئ، ليس فيها كثير اثاث، ولا تستخدم أجواء التكنولوجيا المعروفة، لكنها تنعم في ظل وارف من النعيم الرائع، تحيطها المودة، وتملؤها المحبة، وعلى الضد نرى بيوتا صتعها اصحابها من الذهب والياقوت وجعلوا اثاثها لؤلؤا وأحجارا ثمينة.. ثم هي بائسة كئيبة، يملأها الياس وتعشش فيها الخفافيش!

 إن بيوتنا المؤمنة هي التي صنعت التاريخ السامق بين جدرانها، واحتضنت علماء هذه الأمة الكرام الكبار، الذين زهت بهم صفحاتها وأضاءوا للبشرية طريقها

 إن تكوينا عجيبا تجتمع مفرداته لينتظم بعضه ليكون منظومة كعقد متناغم في تلك البيوت.

 فالمرجعية الاجتماعية قائمة على القوامة الابوية، والمرجعية الثقافية قائمة على كتاب الله وسنة نبيه، والمرجعية السلوكية قائمة على الأخلاق الصالحة، ومرجعية حل المشكلات قائمة على حكم الله بين الطرفين.

 الكل يؤدي ما عليه من واجبات وتباسط فيما له من حقوق، الجميع يتهم نفسه بالتقصير، ويرى الخطأ حين الخلل  من عنده لا من عند غيره، ينظر إلى الإيجابيات ويغض طرفه عن النواقص.

عمود الرحى في بيوتنا هو ذاك العقد المقدس الرحيم، ورباطها هي تلك الحبال المتينة من المودة والرحمة، شعارها الرفق، ودثارها الصبر والرضا.

إنني لأراها مصفاة لتكرير نفوس أفرادها ومولدات طاقة دينامية تبعث النشاط والحراك في النفس والجسد ليقوم بعبوديته المرجوة، وأتصورها كدافعات إيمانية خلفية لكل امرئ غفل عن حق ربه.

إن بيوتا في شمال الأرض وجنوبها وشرقها وغربها قد حرمت نفسها من معنى الإيمان وغفلت عن رونق العبودية، لتشكو ليل نهار من قسوة الحياة، وضيق الصدر، وظلام الداخل، وقسوة نفوس أبنائها على بعضهم البعض، فنراها - برغم أموالها المتكاثرة، وإمكاناتها التكنولوجية الباهرة، وقد تفسخت أوصالها، وسكن الشيطان في صدور أفرادها، فصاروا أنماطا متفردة مستقلة متنازعة، لا رابط بينها، إلا ماديات الحياة.

ومن تأمل البيوت التي خلت من الإيمان والهدى، علم كم للإيمان من قيمة في بناء الأسرة المؤمنة، وفهم مقدار التأثير الإيجابي لتعاليم الإسلام على نفوس الكبار والصغار فيها.

خالد روشة

داعية و دكتور في التربية

  • 1
  • 0
  • 1,752

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً