منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة
هذا هو جزاء المتقين، جناتٌ من نخيل وأعناب، وثمار وقصور، وحلي من ذهب وفضة ولؤلؤ، وثيابٌ من حرير، وأنهارٌ من لبن وخمر لذة للشاربين، وولدان طوافون يخدمونهم، وما تَشتهي الأنفسُ وما تريد، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعتْ، ولا خطر على بال أحد.
- التصنيفات: الدار الآخرة - التقوى وحب الله - الطريق إلى الله -
الخبر: مفكرة الإسلام:
وصفتْ حركةُ المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، على لسان وزارة شؤون المرأة التابعة لحكومة غزة المقالة تنظيمَ مسابقة لاختيار "ملكة جمال فلسطين" بـ"المهزلة"، مؤكدةً على عدم السماح بها.
وكانت شركة "تريب فاشن" الفلسطينية الخاصة قد أعلنتْ عن تنظيم المسابقة، وقالت سلوى يوسف مديرة الشركة في رام الله: "إن المسابقة ستجري في 26/12/2009 بمشاركة 58 متسابقةً، من بينهن 26 من داخل "إسرائيل"، و32 من الضفة الغربية"، وأضافت في مؤتمر صحفي: "إن 200 فتاةٍ تقدمْنَ بطلب المشاركة في المسابقة، وتَم قَبولُ 58 منهن"، مشيرةً إلى أن المتقدمات خضعنَ لاختبارات من قِبل مختصين.
وقالت يوسف: "واجهتْنا عدةُ صعوبات أثناء الإعداد لهذا النشاط، وواجهتنا صعوبةٌ في إقناع العديد بهذه الفكرة، وكان السؤال الدائم حول ما إذا كانت المتسابقات سيشاركن في لباس البحر أم لا؟"، مضيفةً: "بالطبع لن تستخدمم المتسابقات لباسَ البحر؛ لأن هذا منافٍ تمامًا لطبيعة المجتمع الفلسطيني التقليدي".
يُذكر أنه سيشارك في لجنة تحكيم المسابقة ممثِّلون عن وزارة الإعلام الفلسطينية ووزارة الثقافة، بحضور أكثر من ألف شخصية، تمت دعوتُها لحضور المسابقة.
وستحصل الفائزة باللقب على سيارة موديل 2009، مقدَّمة من أحد معارض السيارات في رام الله، إضافة إلى رحلة لمدة عشرة أيام إلى تركيا على نفقة الشركة المنظِّمة، وكذلك مبلغ 2700 دولار.
التعليق:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد قال تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152]، وقال عز وجل: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، وقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس: 23].
قبل أعوام ليست بالكثيرة كانت الحروب دائرةً على قدم وساق بين الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، والمجاهدين في بلاد القوقاز، حتى تمكَّن المجاهدون بعون الله من دحض هذا العدو الماكر، ولكن العدو لم يسلِّم لهذه الهزائمِ؛ بل اجتمع مع الأعداء الآخرين في حربهم للمسلمين حربًا من نوع آخر، وهي الحربُ الفكرية والأخلاقية، حتى صارتْ بعض بلاد القوقاز لا تمتُّ للإسلام بصلةٍ، إلا باسمها وببعض المسلمين المساكين البؤساء فيها، ونشأ جيلٌ جديد تربَّى في أحضان الكفر والعهر، والحانات والمخدرات، واختلط الحابل بالنابل، حتى إن المسلمات هناك تزوجْنَ بالكفار، وأصبحتْ مثلُ هذه الأمور أمرًا طبيعيًّا مسلَّمًا به لديهم، ومؤخرًا شاهدنا كيف أن بعض هذه الدول واجه المعروفَ الذي قدَّمه المجاهدون لها، بسحب جنسياتهم وطردهم منها خصوصًا المجاهدين العرب، الذين قدموا إليها من كل البقاع والفيافي وضاعتْ دماء المجاهدين التي سكبوها على ربوع تلك البلاد، وروَوْا بها أشجارَ داغستان والشيشان، وغاباتِ البوسنة وكوسوفا، وضاعتْ أموالهم، وضاعتْ آمالهم، ولكنها عند الله لن تضيع إن شاء الله.
وأخشى ما أخشاه أن تصبح هذه الحال سائدةً في فلسطين الحبيبة، وما إجراء مثل هذه التفاهات إلا سيرٌ لتلك الحال، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
مَلَكْتُ دُمُوعَ العَيْنِ حَتَّى رَدَدْتُهَا *** إِلَى نَاظِرِي فَالْعَيْنُ فِي القَلْبِ تَدْمَعُ
ألا يفكر أولئك بأنهم مسؤولون أمام الله؟! أين عقولهم؟!
كيف يجرؤون على فعْل مثل هذه المهزلةِ، وممارسة تلك الرذيلةِ والانحطاط الأخلاقي، وإخوانُهم وأهاليهم في غزة يموتون جوعًا تحت الحصار الصهيوني؟!
نساء عشنَ على كفوف الموت، رأينَ أولادَهن وأزواجهن وإخوانهن صرعى، ودماؤهم تتفجر على كل وادٍ وسَبْسَبٍ، ورأين بيوتَهن تنهار على أنقاضها وهن صابراتٌ محتسبات و هذا هو عهدنا بالأم الفلسطينية ونساء يجرين وراء الدنيا، يبعْنَ أعراضهن، ويكشفن محاسنهن أمام الرجال، وما الأجر والجائزة؟! سيارة ومبلغ زهيد! إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما عن قولهم: "لن تستخدم المتسابقات لباس البحر؛ لأن هذا منافٍ تمامًا لطبيعة المجتمع الفلسطيني التقليدي"، ففيه أمران خطيران ينبئان عن خللٍ في العقيدة، وفساد في الذوق؛ فالأول أن ترْكهم لهذا التمادي في التعرِّي والمعاصي ليس من أجْل الله تعالى وإنما من أجل المجتمع والعادات والتقاليد والأعراف، فأصبحت التقاليدُ والأعراف وثنًا يعبد من دون الله تعالى، وأما الأمر الثاني، فأنهم يعتقدون أن التي تُظهِر شعرها ويديها وقدميها وتلبس السروال (البنطلون) أمام الرجال، هي ما زالت محتشمةً، ما دامت أنها غطتْ ما دون ذلك، ولو بشيء ضيق! فأي احتشامٍ هذا واللهُ جل وعز يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]؟ ويقول تباركتْ أسماؤه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}... الآية [النور:30].
وأي احتشامٍ هذا والرسولُ عليه الصلاة والسلام يقول: «ونساءٌ كاسيات عاريات، مميلاتٌ مائلات، رؤوسُهن كأسْنِمَةِ البُخْتِ المائلة، لا يدخلْنَ الجنة ولا يجدْنَ ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا»؛ (رواه مسلم).
ويقول خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم أيضًا: «ولكن ليَخرُجنَ وهن تَفِلاتٌ»؛ (رواه أبو داود وصححه الألباني)، ومعنى تفلات؛ أي: لا متعطرات، ولا متزينات.
وأي احتشامٍ وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال؛ رواه البخاري؟! ولُبْسُ البنطلون للنساء وإظهاره بحيث لا تخفيه عباءةٌ ولا جلباب، هو من تشبُّه النساء بالرجال.
وقال عليه الصلاة والسلام أيضًا: «إذا استعطرتِ المرأةُ، فمرَّتْ على القوم ليجدوا ريحَها، فهي زانية»؛ (رواه أبو داود وصححه الألباني) نسأل الله العافية.
فأي احتشام يعتقدونه بعدُ؟! وأي فساد في العقيدة والذوق وصلنا إليه؟!
قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، وقال: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].
نعم، هذا هو الأجر الحقيقي، وغيرُه زائفٌ، هذا هو جزاء المتقين، جناتٌ من نخيل وأعناب، وثمار وقصور، وحلي من ذهب وفضة ولؤلؤ، وثيابٌ من حرير، وأنهارٌ من لبن وخمر لذة للشاربين، وولدان طوافون يخدمونهم، وما تَشتهي الأنفسُ وما تريد، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعتْ، ولا خطر على بال أحد.
أما من آثر الحياة الدنيا، وباع دينه بعَرَضٍ منها، فهو يوم القيامة من الخاسرين نسأل الله السلامة والعافية.
وهذا الحدث وغيره هو للأسف بعضٌ من تبعيات الجري وراء الغرب، ومحاكاتِهم محاكاةً عمياء، وغضِّ البصر
عن أحكام شرعنا وديننا الحنيف.
وهو وغيره من الأحداث المنحطة رايةٌ يرفعها أصحابها من الحكومة في الضفة الغربية، تدلُّنا على مدى سوء أخلاق رافعيها ومتبنيها.
أسال الله أن يستر عوراتنا وعورات نسائنا، وأن يردَّنا إليه ردًّا جميلاً، وينصرنا على أعدائنا، وأن يجعلنا من طلاب الآخرة، إنه هو ولي ذلك والقادر عليه.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.