التقية عند المهديين عبادة
يعدُّ اليماني التقية عبادةً من العبادات التي يتقربون بها إلى الله كالصلاة، ويجب الالتزام بها، وبما أنها عبادة واجبة وملزمة، فيحرم تركها وعدم العمل بها، وفي ذلك يقول اليماني: "فالتقية في الإسلام عبادة من أهم العبادات التي يجب أن يلتزم بها المؤمنون التزاماً كاملاً ودقيقاً
التقية عند المهديين عبادة:
يعدُّ اليماني التقية عبادةً من العبادات التي يتقربون بها إلى الله كالصلاة، ويجب الالتزام بها، وبما أنها عبادة واجبة وملزمة، فيحرم تركها وعدم العمل بها، وفي ذلك يقول اليماني: "فالتقية في الإسلام عبادة من أهم العبادات التي يجب أن يلتزم بها المؤمنون التزاماً كاملاً ودقيقاً، وترك التقية في مواردها محرم كما أن العمل بها في غير مواردها يورد المؤمن موارد الهلكة "[1].
ومما استدل به اليماني على تقيته، "ما جاء عن أبي عبدالله-قوله:" التقية من ديني ودين آبائي..."[2].
رابعاً: رد أهل السنة على معتقد المَهْدِيّين في التقية:
وبعد العرض يأتي النقد فنقول: إن مما استدل به اليماني من القرآن الكريم على التقية ليس دليلاً لهم بل عليهم، ومعناه كما سبق أن التقية من الكافر خشية الضرر أو الهلاك فجائز، أما التقية التي عند الشِّيَعة فهي بين مسلم ومسلم، كما أنها في مذهب أهل السنة تكون عند الضرورة وليست من الواجبات أو الأركان أما اليماني فيرى أنها من الواجبات والعبادات التي يجب العمل بها في كل وقت ويحرم التخلي عنها في أي وقت، ويوضح الإمام ابن تيمية-رحمه الله- الفارق بين التقية عند الشِّيَعة والتقية عند أهل السنة، فيقول: " والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه، فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار، لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه، وإلا فبقلبه مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، إما أن يظهر دينه، وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لم يكن موافقاً لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، بل كان يكتم إيمانه، وكتمان الدين شئ، وإظهار الدين الباطل شئ آخر، فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر فيعذره الله، والله تعالى قد فرق بين المنافق والمكره، والرافضة حالهم من جنس حال المنافقين، لا من جنس حال المكره"[3].
وهكذا الحال في نظر أهل السنة، أن التقية التي يستعملها الشِّيَعة والمهديون، إنما هي باب من أبواب النفاق، وعليه فقد اعتمدوا النفاق مذهباً واعتقدوه ديناً.
ويتضح شأن التقية عند الاثني عشرية أكثر، من صاحب التحفة، إذ يقول:"ومن خصائصهم القول بالتقية بالمعنى الذي لا يريده أهل السنة من قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28]، وتحقيق ذلك: أن التقية محافة النفس أوالعرض أو المال من الأعداء، والعدو قسمان: الأول: من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم، والثاني: من كانت عدواته على أغراض دنيوية كالمال، ومن هنا صارت التقية قسمين: الأول: في العداوة المبنية على اختلاف الدين، فالحكم الشرعي أن كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له أن يظهر دينه وجب عليه الهجرة إلى محل آخر، إلا إذا كان له عذر شرعي في ترك الهجرة، والثاني: في العداوة المبنية على الغرض الدنيوي، فقد اختلف العلماء في وجوب الهجرة وعدمه، والمدارة عند أهل السنة جائزة في أحوال دون أحوال، فلا ينبغي المداراة
إلى حيث يخدش الدين ويرتكب المنكر ويسيء الظنون"[4].
خامساً: نقد التقية على لسان إمام الشِّيَعة-في زعمهم-:
إن المهديين والاثني عشرية إذا أرادوا أن يفتخروا بدليل، ويكون عندهم في صفوف الأدلة المتقدمة والمعتبرة، إذا كان لأحد الأئمة الاثني عشر، ثم لو كان الدليل للإمام الأول فهذا أعلى شأناً، فنقول لهم: فما دليلكم لو قال إمامكم الأول بعكس ما تقولون به، وتعتقدونه؟ ومن أمهات كتبهم المعتمدة، مثل كتاب (نهج البلاغة)[5]، ففي ذلك أقوى حجة عليكم، وإبطالاً لما افتريتم، فقد نسبوا لسيدنا علي رضي الله عنه أنه بعث كتاباً لأهل مصر وفيه: "إنّي والله لو لقيتهم واحداً وهم طلاّع الأرض كلّها ما باليت ولا استوحشت وإنّي من ضلالهم الذي هم فيه، والهدى الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربّي"[6].
فهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو الإمام الأول عند الشِّيَعة لم يلجأ إلى التقية، ولم تكن في مذهبه الذي يدين به لله U، وأنه لم يبال ولم يستوحش أحداً؛ لأنه على بصيرة ويقين فيما عند رب العالمين، فمن أين جاء من يزعمون أنهم شيعته وأتباعه بما لم يأت به إمامهم؟ فيكون الجواب بلا شك، أنه اخترعوا التقية .
---------------------------------
[1] التيه أو الطريق إلى الله، السيد أحمد الحسن، وصي ورسول الإمام المهدي، ص171، ملحق مع كتاب: النبوة الخاتمة-نبوة محمد صلى الله عليه وسلم -، ط3/1433ه، 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
[2] بحار الأنوار للمجلسي، (ج13/158).
[3] انظر: منهاج السنة النبوية، ج6/423و424(بتصرف).
[4] راجع: مختصر التحفة الاثني عشرية، ص316 وما بعدها (باختصار).
[5] هذا الكتاب في زعم الشِّيَعة هو أصح الكتب بعد كتاب الله، انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية، ص319(بتصرف).
[6] نهج البلاغة، ج3/120، أربعة أجزاء في مجلد واحد، دار المعرفة، بيروت-لبنان.
- التصنيف: