أفطال عليكم العهد؟

أبو الهيثم محمد درويش

لم يحترموا عهدهم مع موسى و الذي غاب عنهم فقط لأيام و لم يأبهوا بهارون الحاضر بينهم و عبدوا العجل بعدما رأوا بأم أعينهم آيات الله الباهرات و كان أقربها انشقاق البحر و نجاتهم و هلاك فرعون .
و مع كل هذا غلبت عليهم شقوتهم و ابتلعوا الفتنة و استساغوها  
  {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى * قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِ نْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي }[ طه 83 - 86] .

  • التصنيفات: التفسير -

ما أكثر ما يخذل ضعاف النفوس (ضعاف العقائد) أنبياءهم و أتباع الأنبياء من بعدهم .

في غمرة التكريم الإلهي و الحوار القدسي يفاجأ موسى بما آل إليه حال قومه بعدما تركهم لمدة يسيرة , إذ يخبره الله بخذلانهم و إضلال السامري لهم و تشربهم لفتنته .

لم يحترموا عهدهم مع موسى و الذي غاب عنهم فقط لأيام و لم يأبهوا بهارون الحاضر بينهم و عبدوا العجل بعدما رأوا بأم أعينهم آيات الله الباهرات و كان أقربها انشقاق البحر و نجاتهم و هلاك فرعون .

و مع كل هذا غلبت عليهم شقوتهم و ابتلعوا الفتنة و استساغوها

{ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى * قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي }  [طه 83 - 86] .

قال السعدي في تفسيره :

كان الله تعالى، قد واعد موسى أن يأتيه لينزل عليه التوراة ثلاثين ليلة، فأتمها بعشر، فلما تم الميقات، بادر موسى عليه السلام إلى الحضور للموعد شوقا لربه، وحرصا على موعوده، فقال الله له:   {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى}  أي: ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى تقدم أنت وهم؟ قال: {  هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي }  أي: قريبا مني، وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك، وشوقا إليك، فقال الله له:   {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ } أي: بعبادتهم للعجل، ابتليناهم، واختبرناهم، فلم يصبروا، وحين وصلت إليهم المحنة، كفروا   {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ

{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا } وصاغه فصار { لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا }  لهم {  هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى } فنسيه موسى، فافتتن به بنو إسرائيل، فعبدوه، ونهاهم هارون فلم ينتهوا.

فلما رجع موسى إلى قومه وهو غضبان أسف، أي: ممتلئ غيظا وحنقا وغما، قال لهم موبخا ومقبحا لفعلهم:   {يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا } وذلك بإنزال التوراة، { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ }  أي: المدة، فتطاولتم غيبتي وهي مدة قصيرة؟ هذا قول كثير من المفسرين، ويحتمل أن معناه: أفطال عليكم عهد النبوة والرسالة، فلم يكن لكم بالنبوة علم ولا أثر، واندرست آثارها، فلم تقفوا منها على خبر، فانمحت آثارها لبعد العهد بها، فعبدتم غير الله، لغلبة الجهل، وعدم العلم بآثار الرسالة؟ أي: ليس الأمر كذلك، بل النبوة بين أظهركم، والعلم قائم، والعذر غير مقبول؟ أم أردتم بفعلكم، أن يحل عليكم غضب من ربكم؟ أي: فتعرضتم لأسبابه واقتحمتم موجب عذابه، وهذا هو الواقع،   {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}  حين أمرتكم بالاستقامة، ووصيت بكم هارون، فلم ترقبوا غائبا، ولم تحترموا حاضرا.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن