التهيئة لرمضان (10) التهيئة بالقدوة 2
إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر يعلّمنا سنّة التدرج في العبادات وأن الأصل أن يترقى الإنسان بعبادته بشكل تصاعدي لا كما هو واقع حال كثير من المسلمين إلا من رحم ربي، تراهم يجتهدون في الأيام الأولى من رمضان فيجدون في قرآءة القرآن وفي صلاة التراويح ثم تراهم عند انتصاف الشهر بدأوا يتثاقلون عن الصلاة ويقضون اليوم نيامًا ثم تأتي العشر الأواخر فتجدهم يجتهدون في الليالي الفردية من ليلة 21 و23 و25 و27 وفي الليالي الزوجية يفترون ثم قبل العيد بأيام تكاد ترى المساجد فارغة والأسواق عامرة وكأن العيد سيأتي بغتة ولم نكن نعرف موعده قبل دخول رمضان!!
استكمالا للرسالة السابقة عن التهيئة لرمضان بالقدوة نتعرف على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان.
الاجتهاد في العشر الأواخر وتحري ليلة القدر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ما لا يجتهد في غيرها". ومن ذلك أنه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد مئزره». وهذا يعني أنه كان صلى الله عليه وسلم يستعد ويشمّر للاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر أكثر من العشرين الأوائل وكان يقوم أغلب الليل ويوقظ أهله لصلوا جزءا من الليل حرصًا على نفعهم وحثّا لهم على الاجتهاد في عبادتهم. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يحرص على الاجتهاد والجدّ في عبادته في العشر الأواخر من رمضان فما أحوجنا نحن المثقلون بالأوزار والذنوب للتأسي به والاقتداء بهديه لعل قيامنا يوافق ليلة القدر فنكون ممن يمنّ الله عز وجلّ عليهم بالمغفرة والعتق من النيران فمن يدري لعلنا لا ندرك رمضانًا آخر ولا ليلة قدر مقبلة!! فلنحرص جميعًا كبارا وصغارا آباء وأمهات وأولاد كما نحثّ بعضنا على منافع دنيوية أن نجتهد في عبادتنا في العشر الأواخر ونشجع بعضنا بعضا على ما فيه خيرنا وفلاحنا فيوقظ الأب والأم أبناءهم لصلاة الليل وقرآءة القرآن والدعاء وليحرصوا على السحور ويتدارسوا فضائل هذه الليالي العشر وأخصها ليلة القدر لتعمر القلوب إيمانا واحتسابا للأجر من الله عز وجلّ. ولو أنهم جعلوا من خطتهم أن يتولى كل واحد من أفراد العائلة إيقاظ الباقين لصلاة الليل في كل ليلة ويكون للصغار منهم جوائز تشجيعية فكيف سيكون حال هذه الأسرة وأفرادها؟!
إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر يعلّمنا سنّة التدرج في العبادات وأن الأصل أن يترقى الإنسان بعبادته بشكل تصاعدي لا كما هو واقع حال كثير من المسلمين إلا من رحم ربي، تراهم يجتهدون في الأيام الأولى من رمضان فيجدون في قرآءة القرآن وفي صلاة التراويح ثم تراهم عند انتصاف الشهر بدأوا يتثاقلون عن الصلاة ويقضون اليوم نيامًا ثم تأتي العشر الأواخر فتجدهم يجتهدون في الليالي الفردية من ليلة 21 و23 و25 و27 وفي الليالي الزوجية يفترون ثم قبل العيد بأيام تكاد ترى المساجد فارغة والأسواق عامرة وكأن العيد سيأتي بغتة ولم نكن نعرف موعده قبل دخول رمضان!! فكأني بهؤلاء اجتهدوا في بعض أيام الشهر ثم ليلة توزيع الشهادات غابوا وكأنهم في غنى عن هذا التكريم!!
الجود: الجود من خصال النبي صلى الله عليه وسلم من قبل بعثته كما وصفته خديجة رضي الله عنها عندما أتاه الوحي أول مرة فقالت: «والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» و"كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان وهو شهر الجود يجود الله تعالى على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران وجوده صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتصر على إنفاق المال فقد كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وإنما كان يجود بنفسه في سبيل إظهار دين الله تعالى وهداية عباده وتبليغهم رسالته. وما أحرانا نحن أن نخصص شيئا من مالنا للإنفاق في شهر رمضان ونحثّ أهلنا ومن حولنا عليه ونخصص شيئا من وقتنا وعلمنا كلٌ بحسب اختصاصه لينفع به من حوله فلعل الطبيب المسلم الصائم يخصص من وقته لمعالجة بعض المرضى غير المقتدرين مجانًا ولعل نجارا يصنع لفقير متاعا يحتاجه في بيته وهكذا.. عندها يتحقق التكافل الاجتماعي الذي هو من جوهر دين الإسلام العظيم، دين الحقوق ودين العطاء ودين الرحمة والتآلف والمحبة وسلامة القلوب.
اللهم بلّغنا رمضان وبارك لنا فيه وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا وارزقنا يا ربنا الاقتداء بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم خير من صام رمضان وقامه وبلّغنا العشر الأواخر من رمضان وأكرمنا بليلة القدر واكتبنا من عتقائك من النار ووالدينا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا وذرياتنا وأرحامنا وجيراننا ومن له فضل علينا وعلماءنا والمسلمين في كل مكان يا من رحمته وسعت كل شيء يا رحمن يا رحيم يا كريم يا وهّاب يا عفو يا غفور إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا.
- التصنيف:
- المصدر: