في ظلال رمضان.. (4) من (30)
لكن كل مشقة حدثت مكتوب أجرها، حتى ما طرأ، وكل مصلحة تحققت من أي عبادة لها أجرها ولو تحققت عرضا من العبد، فالعمل، وأثره، وما تولد منه، وما طرأ عليه، وما اكتنفه من مشقة مكتوب عند الله تعالى..
(الأعمال ومنافعها، ومشقاتها ونتائجها، وآثارها جميعا مكتوبة للعبد)
ما حصل من المشقات في التشريع الرباني ليس بمقصود بالقصد الأول، ولكنه تابع للمصالح المقصودة للعبد..
لكن كل مشقة حدثت مكتوب أجرها، حتى ما طرأ، وكل مصلحة تحققت من أي عبادة لها أجرها ولو تحققت عرضا من العبد، فالعمل، وأثره، وما تولد منه، وما طرأ عليه، وما اكتنفه من مشقة مكتوب عند الله تعالى..
واعتبر في هذا بالجهاد، فإن الله تعالى ذكر أنه يكتب للعبد كل ما يقوم به، وأنه يكتب له ما طرأ عليه من مشقة عارضة، ويكتب له ما تولد من عمله من مصالح وإن لم يعلم بها أو حصلت بلا قصد، غير أنه امتثل ما أُمر بها من قبل ربه تعالى.. ذكر تعالى في سورة التوبة هذا ، وكان المتوقع في الآية أن يذكر تعالى جزاء الأعمال، ثم يذكر تعالى ما طرأ عليها من مشقة أو عرض للعبد، ويذكر ما نتج من مصلحة تولدت منه.. لكن نظم الآيات غاير هذا فذكر تعالى ما تولد من الأفعال وما عرض من المشقات وأنه تعالى يكتب به للعبد (أعمالا صالحة) رغم أنها ليست أعمالا، بل هي مشقات عارضة ونتائج متولدة، ومع ذلك تُكتب للعبد (أعمالا)، فلما جاء ذكر العمل بعدها ذكر تعالى أنه يكتبه للعبد، فعلم أنه تعالى إن جازى على الآثار والمشقات العارضة جزاء الأعمال، فكيف بجزاء الأعمال نفسها؟.. وانظر الى نظم الآيات
{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
وانظر الى من ربط خيل واحتبسها في سبيل الله، انظر الى أجور لم ترد ببال صاحبها، قال صلى الله عليه وسلم: «ا «لخيل لثلاثة : لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت من طيلها ذلك من المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقي به، كان ذلك حسنات له ..» » الحديث.
وعلى هذا المجرى الصيام ومشقاته، فثق في رحمة وحكمة وعظم جزاء من شرع لك الصيام، وبهذا المأخذ وبهذه اليد تناول تكليفه تعالى، وكل ما يكتنف هذا التكليف وما ينتج عنه وما يعترضه.
- التصنيف: