المقامة التلميذية

أيها الشيخ الكريم، أريد أن أتعلم عليكم القرآن العظيم، حسبَة لله، وسبيلًا للفوز برضاه، فماذا تقولون، وبم تأمرون؟

قال الشيخ الأريب: آمرك بتقوى الله في السر والعلن، وتحرير قصدك له والتربص بنيتك على مر الزمن، فهذا لك حقْ، وأما حقوق مجلس التعليم فكثيرة ربما يخطئها العدْ، لكن الحفاظ عليها يحفظ عليك مني الودْ، وتستخرج كمائن ما عندي من ريحان ومسكٍ ووردْ.

قال الطالب التلميذ: هلا تلوتم علينا بعضها، وسوف أحصي على مقامكم عدَّها، لتجدني عندها، فإن فقدتني فلا تصاحبني -شيخي- بعدها.

لكن يا سيدي المعلم، وشيخي المُكَمِّل، هلا أذنت لي أن أطلعكم على ما أردت في نفسي أن أحتذيه في مجلسكم وألتزمَهْ، لعلي أفوز بنفائس علمكم وأغوص في فرائد أدبكم فألتمسَهْ.

قال الشيخ الكريم: قل أيها الولد الحصيف ذو المنطق الطريف، والذوق اللطيف، والمجلس الخفيف.

قال الطالب التلميذ: سأجعل يوم درسكم عندي يوم عيد، أتجهز له بغَسل قلبي من أدرانه وأحقاده، أو آتي بقلب جديد، وسأصلح قبل الحضور ثوب نيتي، وأضع فيمفرق رأسي دهن التواضع لمقامكم، وأتطيب بمِسك التُقى لأكون أهلا أن أكون من جلسائكم.

فإذا منَّ الله علينا بالقعود بين أيديكم، فلن يكون مني إلا حسن السكوت، والدعاء لكم بالعصمة من الزلل، وطول العمر بالعلم وصالح العمل وحسن الخاتمة وبلوغ الأمل، وإن كان منكم ثناءً شكرت ربي على التوفيق، وإن كان منكم تربيةً بعصا الوالد -وهذا الذي له أتيت- فليس إلا أن أحتمل.

قال الشيخ الكريم: ولدي، افتح كراسك وخذ درسك الأول: عندما تصير معلما، فلا تنتظر تلميذا مثلك فأنت فلتة من فلتات الزمن! فلتة من فلتات الزمن = نادرة من نوادره

يقولون في تراجم أهل العلم: كان فلتة زمانه أي حالة متميزة ولا سبيل لتحميل اللفظ فوق هذا المعنى.. راجع معاجم اللغة