بهيمة الأنعام..... من شعائر الله
وقال قوم"بهيمة الأنعام" وحشيتها كالضباء وبقر الوحشي والحمر والأنعام هي المذكور في قوله تعالى: {ثمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْن} [من الآية 143- الأنعام]
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
الشعائر- إسم – جمع شعيرة والشعائر الدينية هي:
مظاهر العبادة وتقاليدها وممارستها وكذلك فهي أعلام شريعته في الحج وشعيرة الحج اي مناسكه .
وأقام الشعائر الدينية أي قام بأداء المناسك الدينية ويقول تعالى: {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم} " [آية 128 سورة البقرة]
وغلبت إطلاق المناسك على أفعال الحج وشعائره ويقال نسك الحج ونسك العمره والنسك مأخوذ من النسيكة والنسيكة المخلصة من الخبث ويقال للذبح نسك لأنه من جملة العبادات الخالصة لله لأنه لا يذبح لغيره سبحانه وتعالى وقد ورد مصطلح (بهيمة الأنعام) في القرآن الكريم ثلاث مرات على النحو التالي:
-" {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} " [الآية 1 – المائدة] .
-وقوله تعالى:
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِۖ} [(الآية 28- الحج] .
-وقوله تعالى:
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِۗ } [الآية 34-الحج] .
حين خلق الله الكون أعده لحياة الإنسان قبل أن يخلق فحين طرأ الإنسان على الكون وجد فيه قوام الحياه من الجماد والنبات والحيوان وقمة المسخرات للإنسان هي الحيوان ويشترك الحيوان مع الإنسان في أن له حياه ودماء وجوارح وجاء الحق هنا بالإعلان عن أعلى منزلة في خدمة الإنسان وهي بهيمة الأنعام.
ويقول تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ } وأحلت جاءت بصيغة المبنى للمجهول لأن الإيمان جعلنا طرف في أن تكون بهيمة الأنعام حلا لنا.
واختلف أهل التأويل في بهيمة الأنعام التى ذكرها الله في هذه الآية فقال بعضهم هي الأنعام كله.ا
وقيل"بهيمة الأنعام" هي الإبل والبقر والغنم.
وقيل الأنعام كلها أي أجنة الأنعام التى توجد في بطون أمهاتها اذا نحرت أو ذبحت وكانت ميتة.
وقال قوم"بهيمة الأنعام" وحشيتها كالضباء وبقر الوحشي والحمر والأنعام هي المذكور في قوله تعالى: {ثمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْن} [من الآية 143- الأنعام]
وكذلك قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ } [من الآية 144- الأنعام]
ثم ألحق رسول الله صلى الله عليه وسلم الظباء وحمر الوحش ويزيد عليها كل الحيوانات المجترة ولم يحرم إلا كل ذي ناب مثل السباع أو كل ذي مخلب من الطير.
ويقول الله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ } [من الأية 1-المائدة]
وقد حرم الله سبحانه وتعالى: الصيد في أثناء الإحرام, وكذلك في حمى الحرم وتسمى الميقات المكاني.
فالميقات المكاني للحج والعمرة لمن كان خارج الحرم(ذو الحليفة) للمتوجه من المدينة ويطلق عليها الآن (أبيار علي).
(والجحفة) وهي الان (رابغ) للمتوجه من مصر والشام والمغرب,
(ويلملم) للمتوجه من المشرق والعراق وغيره,
أما الميقات المكاني للحج لمن بمكه فهو مكة نفسها.
أما ميقات العمرة المكاني لمن بالحرم فهو الخروج لأدنى الحل وهي (الجعرانة) ثم (التنعيم) مسجد عائشة ثم الحديبية.
أما ميقات العمرة الزماني فهو جميع السنة إلا إذا كان محرماً بحج أو بعمرة اخرى او كان ذلك النفرة لانشغاله بالرمى والمبيت فيمتنع الأحرام بها والتنعيم والجعرانة والحديبية تلك هي حدود الحرم.
والصيد في حدود الحرم حرام في كل زمان وعلى كل انسان.
أما في غير الحرم فالصيد حرام لمن كان محرما فقط وغير المحرم من حقه الصيد وبعد ذلك يقول الحق {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [الاية 2 - المائدة] .
والشعائر: هي معالم الدين كلها لكن الشعائر غلبت على ما نسميه مناسك الحج.
وأول عملية في مناسك الحج هي الاحرام اي لا تهمل الاحرام.
ومن شعائر الحج الطواف فلا تجل شعائر الله ووجب عليك ان تطوف حول البيت.
وكذلك السعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ورمي الجمار.
وهذه الشعائر هي الضابط الإيماني التى امر الله ألا يحلها المؤمنين وهذا الامر بعدم الحل لشعائر الله جعل كل شعيرة تأخذ حقا من التقدير والإحترام وقوله تعالى: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} .
لقد حرم الله القتال في الأشهر الحرم وتلك حماية للإنسان وليذوق لذة الأمن والسلام والطمأنينة فالاشهر الحرم اربعة ثلاثة متصلة وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد منفصل وهو رجب.
"ولا الهدى" والهدي ما يهدي الى الحرم وهو جمع هدية ومجموع الهدايا يسمى هديا وهدى الحرم جعله الله للحرم ولا يصح ان يجعل المؤمن الهدى لغير ما أهدى إليه., وينقسم الهدى الى ثلاثة اقسام:
الاول: واجب العمل في الحج والعمرة كهدي التمتع والقران ويسميه الحنفية " دم شكر"
- وكذلك الهدى اللازم لترك واجب من الواجبات مثل: قتل الصيد ففيه جزاؤه بمثله من النعم(الإبل – البقر – الغنم) لقوله تعالى " {فجزاؤه مثل ما قتل من النعم} " [الآية 95 - المائدة] ).
ومقدمات الجماع فإن على صاحبها دم وهو ذبح شاه.
أما الجماع فانه يفسد الحج بالمرة غير انه يجب الإستمرار فيه وعلى صاحبه بدنه ( بعير) فإن لم يجد فصيام عشرة ايام.
وعليه القضاء من عام أخر وكذلك المحظورات وهي الاعمال الممنوعة والتى لو فعلها المؤمن لوجب عليه فديه دم او صيام او إطعام وهي:
- تغطية الراس بأي غطاء كان.
- حلق الشعر او قصه وان قل شعر الرأس أو غيره.
- تقليم الأظافر في اليدين أو الرجلين.
- مس الطيب – لبس المخيط مطلقا.
الثاني: منذور وهو أيضا واجب ولكن بالنذر.
الثالث: تطوع وهو ماتطوع به المحرم.
وقت ذبح الهدي:
قال الحنفية: إبتداء وقت الذبح بجميع أنواعه بعد صلاة العيد واخره الثالث يوم النحر.
مكان النحر: يقول تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [33-الحج] , المراد هنا شعيرة الذبح ولا يخفى مافيها من منافع دنيوية وأخروية بعد هذا الاجل المسمى ينتهي بها المطاف عند الحرم وحيث تذبح هناك هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ
وفي الحديث الشريف: " «مكة كلها منحر» "
وعن قوله تعالى: " {وَلَا الْقَلَائِدَ} " والقلادة هي ماتعلق بالرقبة والقلائد تعبر عن الهدي وتكون علامة على أنه مهدى الى الحرم لإقتيات الوافد إليه من اللحم ويجعل الله ذلك ضمن المناسك فهؤلاء ضيوف الرحمن فلابد أن يكرمهم الله بألذ وأطيب الطعام, ويقول الله تعالى " {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} " [الآية 32 - الحج] .
" {ومن يعظم شعائر الله} " : تعظيم الشئ أبلغ وأشمل من فعله أو أدائه الشعائر يعنى أداؤها بحب وعشق وإخلاص وجاء بها على الوجه الأكمل.
وربما زاد على ما طلب ففضلا عن شعائر الإحرام والتكبير والطواف والسعي ورمي الجمار وغيره فهناك قول أخر في تفسير هذه الآية فالمقصود بشعائر الله هنا معناه:
إستعظام البدن واستسمانها واستحسانها ويقول سبحانه وتعالى:
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [34 – الحج] .
المنسك هو العبادة كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[1622 – الأنعام] .
ويبين الحق سبحانه وتعالى الحكمة من هذه المناسك: {لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ} [ 34 – الحج] .
اي يذكروا الله على كل شئ ويشكروه على كل نعمه ينالونها من بهيمة الأنعام لذلك يذكر اسم الله عند الذبح وحكمه ذلك أو علته هو إزهاق الروح التى خلقها الله ومعنى باسم الله الله أكبر اي ان الله أمرني بذبحها وأباحها لى .
وقوله تعالى: " {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا} " أي عيدا وقال عكرمة ذبحا أو إنها مكة
كما ثبت في الصحيحين عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين فسمى وكبر ووضع رجله على صفاحها » وعن زيد بن ارقم قال «قلت أو قالوا ماهذه الأضاحي؟ قال النبي سنة أبيكم ابراهيم قالوا ومالنا فيها قال:"بكل شعره حسنة وقالوا والصوف قال: بكل شعره من الصوف حسنة» .
ويقول تعالى: " {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ } [36 - الحج] , أى أن طريق التقوى إنما هو تعظيم شعائر الله والإلتزام بما شرعه من الأحكام.
وقد إمتن الله على عباده بأن جعل لهم البدن يسوقونها إلى مكة قربة عظيمة حيث جعلها شعيرة من شعائر الله وعلما من أعلام دينه ودليلا على طاعته. ففي سوقها للحرم ونحرها هناك خير عظيم وثواب كبير يناله أصحابها في الأخرة.
يقول الله جل وعلا ما معناه لقد جعلنا لكم ايها المؤمنون الإبل من شعائر دين الله لكم فيها عبادة لله من سوقها الى البيت وإشعارها ونحرها والإطعام منها لكم فيها منافع في الدنيا والأجر في الاخرة فاذكروا اسم الله عند نحرها قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن فاذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها وسكنت حركتها فكلوا منها وأطعموا السائل المحتاج والمعتر الذي يتعرض للسؤال ولا يسأل, مثل ذلك الذي تشاهدون سخرناها لكم وذللناها لكم مع قوتها وعظم أجسامها وجعلناها منقادة لكم تفعلون بها ما شئتم من نحر وركوب وحلب وغير ذلك من وجوه المنافع ولولا تسخيرها لكم لم تقدروا عليها لأنها أقوى منكم فأشكروا الله على نعمه والائه التى لا تعد ولا تحصى.
ويقول سبحانه وتعالى " {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ} [37 – الحج]
يبين الله فى هذه الآية إنه جل وعلا لا يصل إليه شئ من لحوم هذه الآضاحى والقرابين التى يهدونها لبيته الحرام ويذبحونها تقربا إليه فلا شئ من هذا يصل الى الله أو يرضيه .
وإنما يرضيه جل وعلا إمتثال الأمر منكم وطاعته وتقواه فالأعمال إنما تكون مقبوله بمقدار الإخلاص فيها ثم ختم الله تعالى هذه الآيه بتذكير وجوب شكره وتعظيمه على ما سخر لهم من الأنعام فيأكلون من لحومها ويتصدقون ببعضها لينالوا الأجر من الله والثواب الكبير ويبشرهم بالفضل العظيم فى جنات النعيم.
ربنا تقبل منا وإجعله خالصاً لوجهك الكريم
جلال عبد الله المنوفى