في ظلال رمضان - في ظلال رمضان.. (8) من (30)

منذ 2017-06-03

فمقصود الشرائع جريان مصالح العبد في الدنيا على أكمل الوجوه وخيرها وأجمعها، وأن تجري هذه المصالح على توازن واطراد فردا وجماعة وأمة، وأن تجري على وجه تطرد به وتستمر.

(شرائع الله لتحصيل مصالح الدارين..على وجه العموم والإطراد)
 عندما يشرع الله تعالى لك، لتحصيل مصالحك، فاعلم أن هذه المصالح ليست هي مصالح الدنيا فقط، بل كذلك مصالح الآخرة، فالمقصود جريان الأمور على استقامة وتوازن في الدارين..
 ولم تُجعل أحد الدارين على مخاصمة مع الأخرى، بل جعل تعالى طريقهما واحدا ما التزم العبد بمنهجه تعالى المنزل،  {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعلمون}   {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذِكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} .
 فمقصود الشرائع جريان مصالح العبد في الدنيا على أكمل الوجوه وخيرها وأجمعها، وأن تجري هذه المصالح على توازن واطراد فردا وجماعة وأمة، وأن تجري على وجه تطرد به وتستمر.
 ومقصود الشرائع كذلك تحصيل مصالح العبد في الآخرة، فالذي يملك الدار الآخرة والذي وضع طرقها ومسالكها هو الله تعالى، ولا وصول للعبد لأي من مصالحه إلا إذا أخذها من تحت إذن الشارع سبحانه، على وجه العبودية والافتقار، والثقة والاطمئنان، على هذا تلق الصيام من ربك، واعلم أن مرامي الحكمة من تكليفات رب العالمين أوسع مدى وأعمق تأثيرا وأبقى أثرا مما تقف عليه عقولنا القاصرة..
 ثمة دار غير دارنا يشرع الله تعالى لنا لنمهد لأنفسنا منزلا هناك، {و من عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون} ؛ فماذا عليك لو أرسلت فراشا يكون لك مهادا هناك؟.
 إن الآخرة هي مقصود الرب تعالى، والدنيا طريقها ومجال العمل لها، يقول ابن القيم رحمه الله (وكل لحظة في الدنيا تقابلها آلاف آلاف السنين في الآخرة).
 فمن نظر إلى تحقيق مصالح الدنيا، فليعلم أن مقصود الرب تعالى تحصيلها على اطراد وعموم، وليعلم أيضا أن مقصود الرب تعالى أن تُصلح للعبد آخرته، فمصالحها مضمَنة في نفس وجه تحصيل مصالح الدنيا، قال تعالى {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة} ، فإن صادمت الشريعة لذة هنا فاعلم أنها لعوض هناك، وإن أُجهدت هنا فاعلم أنه لصلاحك هنا ولراحتك هناك..
 ثمة يوم قريب.. قريب قريب.. يطلع بصرك على عالم آخر وخلق آخر وموازين أخرى، وستجد عدتك هناك و جنتك وسبب رقيك في مدارجها هي نفس هذه الشريعة المباركة، فاسعد بها يا عبد الله واستمسك، فإن الخير ثَم..

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 2,452
المقال السابق
في ظلال رمضان.. (2) من (30)
المقال التالي
في ظلال رمضان.. (10) من (30)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً