رسالات الله نور و هدى
أبو الهيثم محمد درويش
فيها قصص هؤلاء و هؤلاء و أيامهم ...و فيها الفرقان الواضح بين أهل الحق و أهل اباطل عبر التاريخ و بيان صفات هؤلاء و هؤلاء و مآل كل فريق .
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ * وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [ الأنبياء 48 - 50] .
رسالات الله نور و هدى أنزلها تعالى رحمة بعباده ليدلهم عليه و يصرفهم عمن سواه و ليدلهم على ما ينفعهم في دنياهم و أخراهم و ليحذرهم عن كل ما يضر .
أعظم تلك الرسالات كانت التوارة و امتدادها الإنجيل ثم أتت الرسالة المهيمنة و الأخيرة و الأكمل و هي القرآن الكريم .
فيها الذكر لمن اتقى لقاء ربه و عمل لآخرته , هؤلاء المشفقون الوجلون عبر تاريخ الإنسان المتمسكون بكلمات الله العاملون بها و الداعون إليها .. و فيها جزاء من أنكر و ابتعد و عاند و أصر على معاداة الله و رسالاته و فيها قصص هؤلاء و هؤلاء و أيامهم ..و فيها الفرقان الواضح بين أهل الحق و أهل اباطل عبر التاريخ و بيان صفات هؤلاء و هؤلاء و مآل كل فريق .
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ * وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [ الأنبياء 48 - 50] .
قال السعدي في تفسيره :
كثيرا ما يجمع تعالى، بين هذين الكتابين الجليلين، اللذين لم يطرق العالم أفضل منهما، ولا أعظم ذكرا، ولا أبرك، ولا أعظم هدى وبيانا، وهما التوراة والقرآن فأخبر أنه آتى موسى أصلا وهارون تبعا { الْفُرْقَانَ } وهي التوراة الفارقة بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأنها {ضِيَاءً } أي: نور يهتدي به المهتدون، ويأتم به السالكون، وتعرف به الأحكام، ويميز به بين الحلال والحرام، وينير في ظلمة الجهل والبدع والغواية، {وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ } يتذكرون به، ما ينفعهم، وما يضرهم، ويتذكر به الخير والشر، وخص {المتقين} بالذكر، لأنهم المنتفعون بذلك، علما وعملا.
ثم فسر المتقين فقال: { الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ } أي: يخشونه في حال غيبتهم، وعدم مشاهدة الناس لهم، فمع المشاهدة أولى، فيتورعون عما حرم، ويقومون بما ألزم، { وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } أي: خائفون وجلون، لكمال معرفتهم بربهم، فجمعوا بين الإحسان والخوف، والعطف هنا من باب عطف الصفات المتغايرات، الواردة على شيء واحد وموصوف واحد.
{وَهَذَا } أي: القرآن {ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزلْنَاهُ} فوصفه بوصفين جليلين، كونه ذكرا يتذكر به جميع المطالب، من معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن صفات الرسل والأولياء وأحوالهم، ومن أحكام الشرع من العبادات والمعاملات وغيرها، ومن أحكام الجزاء والجنة والنار، فيتذكر به المسائل والدلائل العقلية والنقلية، وسماه ذكرا، لأنه يذكر ما ركزه الله في العقول والفطر، من التصديق بالأخبار الصادقة، والأمر بالحسن عقلا والنهي عن القبيح عقلا وكونه {مباركا } يقتضي كثرة خيراته ونمائها وزيادتها، ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن، فإن كل خير ونعمة، وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر عن العمل به، فإذا كان ذكرا مباركا، وجب تلقيه بالقبول والانقياد، والتسليم، وشكر الله على هذه المنحة الجليلة، والقيام بها، واستخراج بركته، بتعلم ألفاظه ومعانيه، وأما مقابلته بضد هذه الحالة، من الإعراض عنه، والإضراب عنه، صفحا وإنكاره، وعدم الإيمان به فهذا من أعظم الكفر وأشد الجهل والظلم، ولهذا أنكر تعالى على من أنكره فقال: { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن