أهم 10 مفاهيم مغلوطة أدت إلى تخلف مسلمي هذا الزمان
أحمد كمال قاسم
اختلال مفهوم أن العبد يُحرم الرزق بالمعصية يصيبها، بأن يتوهم أغلب من لديهم هذا المفهوم - وهو مفهوم صحيح - أن المعصية لا تشمل التقصير في العمل! مع أن التقصير في العمل من الطبيعي جدا أن يؤثر على الرزق!
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
سبق وأن قلت مراراً أن العلة ليست في تركنا للدين، لكن العلة هي في فهمنا الخاطئ للدين والتوهم أننا ذوو دين.
المشكلة في الأساس فكرية، وتتصل بالعقيدة اتصالا مباشراً
وفيما يلي بعض أعراض مرض تشوه العقيدة الذي استفحل في زماننا بين أناس يظنون أنهم على خير.
1- اختلال مفهوم التوكل، ففي الوقت الذي يعتبر التوكل عبادة قلبية ينبغي أن تشحذ الهمة ولا تهبطها، يُحِل الكثيرون التوكل محل العمل.
2- يسأل معظم الشباب هل نحن مسيرون أم مخيرون، والسؤال في ذاته علامة أن الشاب يشك أنه مخير، وكونه يشك في هذا فمعناه أنه لا يعرف دوره في هذا الكون، فلم يكن الله ليجعل كائنا مسيرا بالكلية خليفة في هذا الكون! فضلا أنه لا يعلم معنى المسئولية، فالمسير غير مسئول ولا مهتم بما حوله، هو لا مبال، فهو بالكاد مسير، وحيث أنه مسير فإن عمله لا قيمة له لأن كل شيء سيكون بغض النظر أأراد أن يكون أم لم يرد، فحتى ما يتوهمه من عمل تحصيل حاصل لا غير.
3- قضية حتمية القدر وعدم مشاركتنا فيه، وهو ذو علاقة وطيدة بقضية توهم تسيير و اللامبالاة المتولدة تلقائيا من كليهما، فرزقك لن يأخذه غيرك، وهو كلام صحيح يقال غالبا في موضع خطأ، فموضعه الصحيح أن يقال لطمأنة من يخشى العوز بعدما بذل كل ما في وسعه، لكنه يقال في أي وقت واي مناسبة، وطبيعي أنه إن كان رزقي لن يأخذه غيري فلماذا اعمل اصلا؟!
4- مفهوم العبادة والتوهم أنها هي ذاتها الشعائر، وعدم فهم العبادة على أنها الحياة بما فيها، وترقيع الخرق الناتج عن هذا الخلل بأقوال مثل أن العاديات تتحول إلى عبادات إن نويتها لله، وما هي هذه العاديات؟! {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}
والاختلال في هذا المفهوم أدى لرضا الموظف الكسول والطالب البليد عن نفسه من الناحية "الدينية" إن هو أتقن الشعائر! فهو بذلك يتقن العبادة!
والواقع أن الملحد يعمل لأنه يخشى على أن يموت جوعا أن لم يعمل، أما مسلم هذا العصر فهو في الغالب مطمئن أن رزقه لن يأخذه غيره من جهة، ومن جهة أخرى لا يعد العمل عبادة، فما قيمة العمل إذًا؟!!
.
5- اختلال مفهوم الدعاء (والتضامن مع اختلال مفهوم القدر) ، والتوهم أن الدعاء بديل العمل، وسد الخرق الناشيء عن هذا الخلل بقول مثل "فلنأخذ بالأسباب"، وكأن الأسباب أمر صوري، لكن الدعاء هو كل شيء، فنحن نأخذ بالأسباب فقط حتى نريح ضمائرنا، فكل عمل هو تحصيل حاصل لو دعونا الله! بل كل عمل تحصيل حاصل لأن ما قدره الله سيقع، بالعمل أو بدونه!
6- سوء فهم حقيقة أننا لن ندخل الجنة بعملنا، فإن كان الأمر كذلك فلماذا العمل أصلا؟ يكفي الاستغفار والدعاء، والحق أن العمل الصالح هو سبيل الجنة وليس ثمنا لها.
7- اختلال مفهوم العمل الصالح، ففضلا أن الأغلب يفصلون "الذين آمنوا" عن "وعملوا الصالحات" ويهدمون الوحدة بين الشطرين، إلا أن الأغلب يفهم العمل الصالح أنه الصدقة والزكاة وباقي الشعائر، ولا يعدون التفوق في العلوم وفي الحياة عموما واستخدام هذا التفوق في الإصلاح من العمل الصالح!
8- اختلال مفهوم الابتلاء والتوهم أن ما نحن فيه اليوم من هوان قد يكون بسبب أن الله يبتلينا، ونسوا أو تناسوا {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، نسوا ان هذا وعد الله، وحيث أن الله لم ينصرنا فلا يوجد إلا احتمال واحد. أننا لم نصره!
ونسوا أو تناسوا وعدا آخر {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} ، وحيث أن الله جعل للكافرين علينا كل السبل فلا احتمال إلا أننا لسنا بمؤمنين حقا.
9- اختلال مفهوم أن العبد يُحرم الرزق بالمعصية يصيبها، بأن يتوهم أغلب من لديهم هذا المفهوم - وهو مفهوم صحيح - أن المعصية لا تشمل التقصير في العمل! مع أن التقصير في العمل من الطبيعي جدا أن يؤثر على الرزق!
10- اختلال مفهوم العلم الشرعي أو الديني، والتحدث عن العلوم المادية أنها أقل شأنا، مع أن الحق أن كل العلوم ينبغي أن تكون علوما دينية، فما الذي يجعل الفيزياء أو الأحياء أو غيرهما من العلوم المادية علما غير ديني؟ فبالعلوم المادية نعرف الله، لأن معرفة الله يكون عن طريقين متكاملين، كتابه وخلقه! وبها نجاهد في سبيل الله!
وهذا التفريق يجعل المسلم المتدين ينظر بدونية للعلوم المادية، حتى إن من الناس من يفسر "طلب العلم فريضة على كل مسلم" أنها العلوم الشرعية، ومنهم من يخرج العلوم المادية من إطار العلوم ويسميها فنونا!!
وهكذا يتأكد أن الخلل في الأساس هو خلل مفاهيم، ولا يمكن أن نتقدم خطوة للأمام إلا لو تخلينا عن حسن الظن بأنفسنا أننا نفهم الإسلام ونتأمل هذه القضايا الشائكة ونطهرها من كل ما حدث فيها من تلبيس وتدليس على الناس لصالح أعداء الأمة