فضل التوحيد
ملفات متنوعة
والتَّوْحيدُ هو أول مفروض على العباد إذ أنه هو الَّذي خلقهم الله له
فقال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]....
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ
مُهْتَدُونَ) [الأنعام:82].
قال الربيع بن أنس: الإيمان الإخلاص لله وحده، وعن ابن مسعود قال:
لما نزلت (الَّذِينَ آمَنُوا
وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قال أصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم: أيُّنا لم يظلم نفسَه فأنزل الله: (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ) [لقمان:13]، قال ابن رجب: حديث ابن مسعود هذا صريح
غير أنَّ المرادَ بقوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُمْ) أنَّ الظُّلْمَ هو الشِّرك، وقال ابن قاسم: أي
أخلصوا العبادة لله وحده ولم يخلطوا توحيدهم بشرك.
ففي هذه الآية دليل على فضل التَّوْحيدِ وهو أنَّ مَن أخلصه لله فله
الأمْنُ التَّامُّ في الدنيا والآخرة والاهتداء إلى الصراط
المستقيم.
ويدل على فضل التوحيد وإخلاصه لله تعالى الأحاديث الواردة في فضل
كلمة التوحيد" لا إله إلا الله" كحديث عتبان الطويل وفيه: (أنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ
مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ يَبْتَغِي ذَلِكَ وَجْهَ
الله) (1) وغيره كثير وقد ذكر الحافظ ابن البر في كتابه "
التمهيد" عدد منها وأيضًا الشيخ حافظ حكى رحمه الله في كتابه "معارج
القبول".
واعلم أنَّ التوحيدَ هو أساس العلوم وكل علم فهو فرع من فروع علم
التوحيد.
قال الناظم:
وبعد فاعْلَمْ أنَّ كلَّ العلمِ كالفرعِ فلِتَوْحيدٍ فاسْمَعْ
نظمي
لأنَّه العلمُ الَّذي لا ينغبي لعاقلٍ لفهمِه لم يبتغِ
أي أنَّه سائر العلوم الشرعية وكذا العقلية بأنواعها وتفاريعها من
أصولها وفروعها كالفرع لعلم التوحيد أصل العلوم وأس النجاة وسلم
المعرفة للحي القيوم.
والتَّوْحيدُ هو أول مفروض على العباد إذ أنه هو الَّذي خلقهم الله
له فقال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
[الذاريات:56].
وأوَّلُ أمرٍ في كتابِ الله هو الأمرُ
بعبادةِ الله وتوحيدِه فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21].
قال الناظم:
أوَّلُ واجِبٍ عَلَى العَبيدِ *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ
بالتَّوْحِيدِ
والله أخذ على عباده الميثاقَ بالتوحيد وهو شهادة أنه لا إله إلا هو
وأشهدهم على أنفسهم به قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي
آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ
تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ) [الأعراف:172].
وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يُقَالُ للرَّجُلِ مِنْ أهْلِ
النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَرَأيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ مَا عَلَى
الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ أكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ فيَقُولُ: نَعَمْ،
فيَقولُ اللهُ: كَذَبْتَ قَدْ أرَدْتُ مِنْكَ أهْوْنَ مِنْ ذَلِكَ،
قَدْ أخَذْتُ عَلَيْكَ في ظَهْرِ آدَمَ لا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا
فأبَيْتَ إلاَّ أنْ تُشْرِكَ) (2).
فأصح الوجهين في معنى هذا الآية ما قاله محمد الآمين الشنقيطي في
تفسيره: أن الله أخرج جميع ذرية آدم من ظهور الآباء في صورة الذر
وأشهدهم على أنفسهم بلسان المقال: (ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
بَلَى) ثم أرسل الرسل مذكرة بذلك الميثاق الَّذي نسيه الكل ولم
يولد أحد منهم وهو ذاكر له وإخبار الرسل به يحمل به اليقين
بوجوده.
وافق في ذلك البغوي في تفسيره ومقاتل.
قال الناظم:
أخرجَ الله فبما مضى من ظهر آدمَ ذريته كالذر
وأخذ العهدَ عليهم أنَّه لا رَبَّ معبود بحق
غيره
فيصل العمري
المختار الإسلامي
_______________________
(1) الراوي: عتبان بن مالك، المحدث: ابن خزيمة، المصدر: التوحيد،
الصفحة أو الرقم: 2/777، خلاصة الحكم المحدث: (أشار في المقدمة أنه صح
وثبت بالإسناد الثابت الصحيح).
(2) الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع،
الصفحة أو الرقم: 8123، خلاصة حكم المحدث: صحيح.