تعطيل المهديين لأسماء الله وصفاته
إن اليماني من خلال كتابه(التوحيد)، والذي يعد عُمْدتنا في هذا المطلب، يفصح عن اعتقاده في مسألة الأسماء والصفات
يأتي الحديث عن التوحيد عند المهديين في كتاب (التوحيد)-عمدتنا في هذا المطلب- لزعيم المهديين-أحمد الحسن اليماني-، وهو يفسر سورة الإخلاص، والتي أسماها سورة التوحيد، فيقول: "الله: وهو اسم للذات الإلهية الجامعة للصفات الكمالية، وفي الحقيقة هو صفة جامعة للصفات فمعنى الله أي الذي يؤله إليه في الحوائج، أي الذي يقصد لسد النقص من كل جهة. الرحمن: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو منطوٍ وفانٍ في الله، والرحمن في الدنيا والآخرة، ولكنه أولى بأمور الدنيا لجهة سعة الرحمة فيه. الرحيم: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو أيضاً فانٍ في الذات الإلهية أي الله، والرحيم في الدنيا والآخرة، ولكنه أولى بأمور الآخرة لجهة شدة الرحمة فيه"[1].
وفي موضع آخر، لا يفرق اليماني بين الصفتين-الرحمن، والرحيم-، فيقول: "وهذان الاسمان أو الصفتان: هما في الحقيقة اسم واحد وصفة واحدة، فلا افتراق حقيقي بينهما ولا تمايزحقيقي، بل هما وجهان لحقيقة واحدة هي الرحمة، فهما باب الذات: الرحمن ظاهرالباب، والرحيم باطن الباب"[2].
وهنا نورد كلاماً لأهل السنة في الوقوف على أسمائه الثلاثة-الله، الرحمن، الرحيم-، فقد قال علماء السنة: "والله: علم على الذات الواجب الوجود الخالق العالم، والرحمن الرحيم: صفتان مشبهتان بُنيتا للمبالغة من رحم بالكسر...، وقَدَّم الرحمن؛ لأنه خاص به تعالى إذ لا يطلق على غيره تعالى، ولأنه أبلغ إذ معناه: المنعم بجلائل النعم. كماً وكيفاً، بخلاف الرحيم، فإن معناه المنعم بدقائقها كذلك، وجلال النعم: أصولها كالجود، والإيمان. ودقائقها: فروعها كالجمال، وكثرة وزيادة الإيمان، والمعنى أنه تعالى من حيث إنه منعم بجلائل النعم يسمى: الرحمن، ومن حيث إنه منعم بدقائقها يسمى: الرحيم"[3]
إن اليماني من خلال كتابه(التوحيد)، والذي يعد عُمْدتنا في هذا المطلب، يفصح عن اعتقاده في مسألة الأسماء والصفات، فيقول: "فالله والرحمن بالنسبة لنا واحد، بل هو كذلك في الحقيقة، فالباب أو الرحمن هو مدينة الكمالات الإلهية أو الله، فمنه يعرف ما فيها، ويتجلى ويظهر منه الفيض الإلهي إلى الخلق، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء:110]، فإذا تبين وحدة هذه الأسماء في الذات الإلهية أو الله وفناؤها فيها، عرفنا أن الوحدة الأحدية متحققة في الذات الإلهية، أو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد، وهي كما قدمت وحدة جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية أوالله وحدة حقيقية أي أن الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولاجواهرتتركب منها فهو الله الرحمن القادر"[4].
إن مذهب المهديين في الأسماء والصفات لا يختلف عن مذهب الاثني عشرية الذي هو متفق مع مذهب المعتزلة في نفي الأسماء والصفات، فقول المهديين السابق: الله والرحمن واحد، وقولهم: إن صفتي الرحمن والرحيم، منطويتان وفانيتان في الله، والاثنا عشرية قالوا من الخطب التي نسبوها زوراً لسيدنا عليرضي الله عنه : "أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه،
لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة..."[5].
ومن عقائد المعتزلة: "نفيها عن الله صفاته الأزلية، وقولها: بأنه ليس لله علم، ولا قدرة، ولا حياة، ولا سمع، ولا بصر، ولا صفة أزلية، وزادوا على هذا قولهم: إن الله تعالى لم يكن له في الأزل اسم ولا صفة"[6].
وجاء الرد من الإمام الغزالي ممثلاً عن أهل السنة، فقال: "أهل السنة والجماعة هم الذين اعتدلوا واقتصدوا، فقالوا: إن ذات الله غير صفاته، فصفاته زائدة على الذات، حتى أن الصفات متباينة فيما بينها"[7].
(1) كتاب التوحيد، السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ص22و23، ط2/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(88).
(2) المرجع نفسه، ص23.
(3) انظر: الخريدة البهية في العقيدة الإسلامية، إعداد الدكتور: محمد ربيع الجوهري، ص11و12(بتصرف)، ط1/1431ه = 2010م، مكتبة الإيمان.
(1) التوحيد، لليماني، ص24.
[5] انظر: شرح نهج البلاغة، المجلد الأول، ص45.
[6] الفَرْقُ بين الفِرَق، ص114(مرجع سابق).
[7] الاقتصاد في الاعتقاد، الإمام أبو حامد الغزالي، وضع حواشيه: عبدالله محمد الخليلي، ص102، ط1/1424ه = 2004م، دار الكتب العملية، بيروت-لبنان.
- التصنيف: