الهُدَى في أمر المَهْدِي لا إفراط ولا تفريط..

منذ 2017-07-11

ويكون ظهوره من بلاد المشرق، لا من سرداب سامراء، كما يزعمه جهلة الرافضة من وجوده فيه الآن، وهم ينتظرونه آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان شديد من الشيطان؛ إذ لا دليل على ذلك ولا برهان، لا من كتاب ولا سنة

لأن شأن المهدي المُبشَّر به يفرض نفسه على من طوائف المسلمين كلما اشتدت المحن وزادت الفتن؛ فينقسمون بين مُفْرِط في تفريع وتوسيع بناء الآمال في مخرجه القريب، وبين مُنكِر لأمر خروجه في تنطعً مريب..ولكثرة المتسائلين والمتداخلين بالتعليقات على منشوري السابق (عندما تملاُ الأرض جورًا وظلمًا).. أحببت أن أجيب - باختصار - على المهم من التساؤلات في موضوع المهدي، وذلك نقلًا عن فقرة في كتابي (حتى لايُستباح الحَرَم) ص 23 ، مع تصرف يسير.

• الأحاديث المروية في مراجع أهل السنة الحديثية عن المهدي بلغت حد التواتر، كما صرح بذلك كثير من أهل العلم. قال السفاريني في كتابه لوامع الأنوار البهية : "وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السُّنة، حتى عُدَّ من معتقداتهم"، إلى أن قال: "وقد رُوي عمن ذُكر من الصحابة وغيرهم بروايات متعددة، وعن التابعين ومن بعدهم، ما يفيد مجموعُه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدوَّن في عقائد أهل السنة والجماعة"

• وقال الشوكاني: " والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثًا، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول...".

• يعتقد أهل الحق والسُّنة، في خروج المهدي الآتي لنصرة السُّنة والحق في آخر الزمان؛ من أشراط الساعة ،فيملك سبع سنين، يملأ الأرض خلالها قسطًا وعدلاً، كما مُلئت قبل مجيئه جورًا وظلمًا، وتُخرج الأرض نباتها، وتُمطر السماء قطرها، ويفيض المال حتى لايقبله أحد.
وقد جاءت السُّنة ببيان اسمه وصفته ومكان خروجه، فمن ذلك:

1- أن اسمه (محمد بن عبد الله) على اسم النبي – صلى الله عليه وسلم- لما رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» )، وفي رواية لأبي داود: " «يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي» ". والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه الشيخان أحمد شاكر والألباني.
2- أن صفته الخَلْقية؛ جاءت في وصف النبي صلى الله عليه وسلم له بقوله: ( «المهدي مِني أجْلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً، كما مُلئت ظلمًا وجورًا، يملك سبع سنين» ) رواه أبو داود والحاكم عن أبي سعيد الخدري، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

3- أنه من نسل فاطمة بنت محمد – رضي الله عنها – من ولد ابنها الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم – فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» ) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

4- أنه إنسان صالح، مهديٌ وهادٍ، ولكنه غير معصوم، مثله في ذلك مثل بقية الخلفاء الراشدين المهديين -رضي الله عنهم أجمعين-، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» ) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني. قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: " أي: يتوب الله عليه، ويوفِّقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك" .

5- أنه يُبايَع له في مكة بعد أن يُطارد من أعدائه، فيلجأ إلى البيت الحرام، فيقصده جيش ظالم من جهة الشام؛ فيخسف الله بذلك الجيش بين مكة والمدينة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيُخرِجونه وهو كارهٌ، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويُبعث إليه بعْث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدالُ الشام وعصائبُ أهل العراق فيبايعونه بين الركن والمقام» )، وإسناده صححه العقيلي بإسناد جيد ثابت وحسنه ابن عبد البر واحتج به الشافعي وابن رجب. 
وفي صحيح مسلم عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( «لَيَؤُمَّنَّ هذا البيتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يُخْسَفُ بأوسطهم وينادي أولهُم آخرَهم، ثم يخُسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم» ).

6- أنه سيقيم الخلافة على منهاج النبوة حقًّا، كحال خلافة الخلفاء الراشدين، وسيكون معقِلها في الشام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل عبد الله بن حوالة: ( «يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك» ) رواه أبو داوود وصححه الألباني.

7- أن مبدأ ظهوره من جهة الشرق، ويبايع بعد فترة من القلاقل والفتن والحروب التي يتضاعف بسببها الظلم والجور، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئاً لم أحفظه، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبْوًا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" رواه ابن ماجه والحاكم، وقال: على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح. وقال ابن كثير في شرحه في البداية والنهاية: "والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان؛ يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويُبايَع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الأحاديث" انتهى.

8- أن في زمانه ينزل مسيح الحق – عيسى ابن مريم عليه السلام - بعد أن رفعه الله إليه كما دل القرآن؛ لما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامُكم منكم» " رواه البخاري ومسلم. وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة» "، قال: " «فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الأمة» " رواه مسلم.

 

9- المهدي في معتقد أهل السنة الصحيح؛ رجل صلاح وإصلاح، لا تدمير ولا تكفير بغير حق ، بل هو رحمة بالناس ونعمة للناس، وامتداد للرحمة والنعمة التي أُرسل بها جده محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قال الله له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ}   [آل عمران: 159] 

10- أن الرخاء والسلام وسعة الرزق لأمة الإسلام كلها تكثر في عهده، كما روى ذلك أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويُعطى المال صِحاحًا، وتُخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا. يعني حِججًا» ) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: هذا سند صحيح رجاله ثقات.

وقد علق الحافظ ابن كثير على الحديث الآنف ذكره، عن الاختلاف والاقتتال عند موت خليفة فقال : "والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان، فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق، لا من سرداب سامراء، كما يزعمه جهلة الرافضة من وجوده فيه الآن، وهم ينتظرونه آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان شديد من الشيطان؛ إذ لا دليل على ذلك ولا برهان، لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان". انتهى.

ومعروف أن خرافات الشيعة في مهدييهم؛ تجعل منه جبارًا سفاكًا للدماء، متعطشًا لقتل العرب ، هادمًا للمقدسات، وفي مقدمتها : الحرمان الشريفان ..صانهما الله وحفظهما.. !

  • 11
  • 1
  • 16,156

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً