تحريف الآيات المتعلقة بأسماء الله وصفاته عند المهديين
أحمد علوان
ثم يربط اليماني بين أسماء الله وبين آل البيت، قائلاً: "ولكل اسم من أسماءه سبحانه وتعالى ظل في خلقه، فظل الذات أو مدينة الكمال الإلهية، او اسم الله هو محمد، أو مدينة العلم. وظل الرحمن-الذي هو باب مدينة الكمال الإلهية-هو علي الذي هو باب مدينة العلم
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية -
تحريف الآيات المتعلقة بأسماء الله وصفاته عند المهديين:
ففي تفسير للوجه في قوله تعالى:وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلَٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ[الرحمن:27]عند المهديين، يقولون: "فهم-عليٌ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة والمهديون وجه الله هنا، ومن يعرض عن هذا التأويل فلن يجد إلا الخلط والجهل، ومعنى أنهم وجه: أي بهم يعرف الله، فبالوجه الذي يواجه به يعرف، إذن فهم خلفاء الله، فمن يعرف الخلق بالله، ومن يعلم الخلق التوحدي؟ هم خلفاء الله، وهذا آدم أول خلفاء الله في أرضه، بدأ مهمته بتعليم الملائكة وتعريفهم بأسماء الله، فأسماؤهم هي أسماء الله التي خلقوا منها")[1](.
ثم يربط اليماني بين أسماء الله وبين آل البيت، قائلاً: "ولكل اسم من أسماءه سبحانه وتعالى ظل في خلقه، فظل الذات أو مدينة الكمال الإلهية، او اسم الله هو محمد، أو مدينة العلم. وظل الرحمن-الذي هو باب مدينة الكمال الإلهية-هو علي الذي هو باب مدينة العلم، وظل الرحيم- الذي هو باب مدينة الكمال الإلهية-فاطمة، أو باب مدينة العلم، وهكذا بقية الأركان الاثني عشرة لهذه الأسماء الثلاثة، والاسم الوحيد الذي لا ظل له في الخلق هو الحقيقة والكنه"[2].
وكما حَرَّف الاثنا عشرية في آيات الأسماء والصفات لأئمتهم، كذلك حرف المهديون ليمانيهم، واليماني لنفسه، فقال في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص:30]، قال اليماني-المحرف والمعطل-: "والطور الأيمن، والوادي الأيمن هو: اليماني-المهدي الأول من المهديين-، والبقعة المباركة هو: الحسين عليه السلام، فالكلام من الطور الوادي الأيمن، أي اليماني-المهدي الأول-، والوادي الأيمن الطور الأيمن من البقعة أي الحسين، فالمهدي الأول-اليماني- من ولد الحسين؛ لأنه من ذرية الإمام المهدي، والبقعة المباركة من الشجرة-أي محمد وعلي-، فالحسين من محمد وعلي-عليهما السلام-"[3].
إن كل ما قاله المهديون في تحريف آيات التوحيد والأسماء والصفات التي لا تصح إلا لله، وصرفها للأئمة مردود عليهم، ويضرب بكل ما قالوه عرض الحائط، والصحيح هو أن "نثبت لله تعالى ما أثبته نفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من صفاته وأفعاله بمعانيها الصحيحة المتبادرة من اللغة مع القول بالتنزيه ككون محبة الله لأنبيائه وأوليائه ورحمته بعاده ليستا كمحبة المخلوقين ورحمتهم فيما بينهم، كما أن علمه تعالى ليس كعلمهم، فهذا هو اعتقاد المسلمين المؤمنين الذي يتلقون دينهم من كتاب ربهم، ومما صح عن رسوله إليهم، إثباتاً نفياً من غير تحكيم للأهواء والبدع بشبهة قياس الخالق على المخلوق والرب على العبد"[4].
د- إقحام الأئمة في التوحيد:
دأب المهديون كما دأب الأسلاف من الاثني عشرية، على أنهم يقحمون ذكر الأئمة والزج بهم، في كل قضية عقدية كانت أو تشريعية، حتى في مسألة التوحيد التي تخص الكريم سبحانه وتعالى كان للأئمة ذكر مفتعل، فيقول اليماني يقصد التي تتحدث عن رؤية الله تعالى في الآخرة: "وقوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } [البقرة:210]، فالذي يأتي في ظلل من الغمام هو محمد في عالم الرجعة ومعه أهل بيته، وبعض الأنبياء، ومعروف أن محمداً هو المظلل بالغمام، وقد بشر بالرسول محمد والقائم من آل محمد بهذه الصفة في التوراة والإنجيل"[5].
إن الآية صريحة في دلالتها على الله، فلم إقحام الأئمة فيها، تلك مغالطة عقدية كبيرة، فمن أسس توحيد اللهU أنه لا يشبهه أحد، ولا يشاركه أحد في صفة من صفاته، ومعتقدنا في ذلك"أن الله في كل ما ثبت له من الأسماء والصفات لا يماثل شيئاً من خلقه، ولا يماثله شيء، بل كل ما ثبت له من صفات الكمال التي وردت في النصوص الصريحة من الكتاب والسنة فهو مختص به لا يشركه فيه أحد من خلقه"[6].
وعليه: فالتوجيه الصحيح للآية الكريمة، هو: "أن الغمام إنما هو مكان الملائكة ومركبهم، وأن الله تعالى لا مكان له ولا مركب، وأما الإتيان والمجيء فعلى قول أبي الحسن الأشعري يحدث يوم القيامة فعلاً يسميه إتياناً ومجيئاً، لا بأن يتحرك أو ينتقل، فإن الحركة والسكون والاستقرار من صفات الأجسام، والله تعالى أحد صمد ليس كمثله شيء"[7].
ويبلغ الجهل ذروته، والطيش غايته، فبعد الحديث عن خلفاء الله في أرضه، وهم الأئمةوالأوصياء، قالوا: "ولأن التوحيد يكون بمعرفته، فبهم يعرف الله، فمن عرف خلفاء الله عرف الله، ومن أنكرهم أنكر الله، ومن جهلهم جهل الله سبحانه وتعالى ، لأنهم أسماء الله الحسنى، ووجه الله، ويد الله سبحانه وتعالى "[8].
ه-إنكار المهديين رؤية الله في الآخرة:
أنكر المهديون رؤية الله-عزوجل-، فعندما استعرض اليماني عقيدة الوهابيين-على حد وصف اليماني-؛ ولأنهم-أي الوهابية[9]-يقرون برؤية الله ويثبتون ما أثبته الله لنفسه، فسماهم مجسمة، وقد ذكر لابن تيمية كلاماً من كتابه(العقيدة الواسطية)، وفيه أن الإمام ابن تيمية، يقول برؤية الله عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس، ثم قال اليماني معلقاً على اعتقاد ابن تيمية: "لاحظ كلام ابن تيمية (عياناً بأبصارهم)، وانتبه أن النظر بالعين لا يمكن أن يكون إلا إلى جهة...، فهؤلاء بسبب تفسيرهم الخاطئ لبعض الكلامات المتشابهة في الكتب السماوية انحطوا إلى هذا الضلال العقائدي، فابن تيمية وأشباهه لا يفهمون القرآن ولا كلام الأنبياء"[10].
ثم يؤكد اليماني في نفس الكتاب-التوحيد- رداً على من قال بإثبات رؤية الله في الآخرة، يقول: "وهذه عقائد باطلة واضحة البطلان، وإثبات بطلانها لا يحتاج إلى عناء"[11].
وهم بذلك يتفقون تماماً مع الإمامية الاثني عشرية، "وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة، وقد قال بثبوت الرؤية الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين، وأهل الحديث، وسائر طوائف أهل الكلام المنسوبون إلى السنة والجماعة"[12].
فالصحابة والتابعون والأئمة المسلمون أثبتوا رؤية الله حيث أثبتوا ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله، فقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22و23]، وكما جاء في الحديث: "عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّرضي الله عنه : أَنَّ أُنَاساً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ»، قَالُوا: لاَ، قَالَ «وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟»: قَالُوا: لاَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : "مَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا،..."[13].
"والرؤيا إذا أطلقت إطلاقاً، ومثلت برؤية العيان، لم يكن معناها إلا رؤية العيان، ورويت الرواية عن رسول الله من طرق مخلتفة عديدة"[14].
"والمخالف في الرؤية: الجهمية[15] والمعتزلة، ومن تبعهم من الخوارج والإمامية، وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة"[16].
وللإنصاف والرد على اليماني وجماعته في اتهامهم لابن تيمية، والوهابية كما سماهم، نقول: "إنما أثبتوا-أي ابن تيمية والوهابية-كسائر أهل السنة ما أثبته الله تعالى في كتابه المعصوم وفي سنة خاتم أنبيائه المعصوم المبينة له، خلافاً لغلاة الرافضة"[17].
ثانياً: توحيد الله تعالى في ربوبيته عند المهديين:
لم يأت اليماني بالكثير في هذا المعنى المتصل بالتوحيد، وإنما استفدت هذا من خلال تفسيره لسورة الفاتحة، وهو يقول في قول الله: ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﮊ ، "أي: الثناء على الكامل المطلق، المربي للخلق في عالم الملك والملكوت والعقل. ووصف (رب العالمين)، أي: مربي الخلق ومكملهم يناسب مقام العبد؛ لبيان نقصه وحاجته للكمال، ومن جهة شكره واعترافه بما مضى من ِنعم وكمالات أفيضت عليه، وهي قطعاً لا تحصى، فبها ظهر للوجود بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً، وبها تغذى ونما وتكامل بدنه، وربما نفسه وروحه إذا كان ممن سبقت لهم من الله الحسنى، وبها اهتدى إلى الصراط المستقيم، وجنب السقوط في هاوية الجحيم، فكأن الحمد والثناء على الله سبحانه بإضافة رب العالمين قد ضمن اعتراف وشكر واستجداء من العبد
الناقص، وهو في مسيرته التكاملية للرب الكامل المكمل للعالمين"[18].
[1] رحلة موسى إلى مجمع البحرين، السيد أحمد الحسن، وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ص23، ط3/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، العدد(83).
(2) شيء من تفسير سورة الفاتحة، السيد: أحمد الحسن، ص26، أسرار الإمام المهدي، قسم التفسير، الإصدار الأول، ط2/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام ، ويليه: تفسير آية من سورة يونس، ووصي ورسول الإمام المهدي في التوراة والإنجيل والقرآن، ونصيحة إلى طلبة الحوزات العلمية وإلى كل من يطلب الحق، ورسالة الهداية.
[3] المتشابهات، ص299(مرجع سابق).
[4] السنة والشِّيَعة، محمد رشيد رضا، ص79و80(مرجع سابق).
[5] التوحيد، لليماني، ص103(مرجع سابق).
[6] دعوة التوحيد، الدكتور محمد خليل هراس، ص12، الطبعة الأولى سنة 1406ه، 1986م، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان.
[7] الأسماء والصفات، للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حققه وخرج أحاديثه: عبدالله بن محمد الحاثدي، ج2/370و371، مكتبة السوادي للتوزيع.
[8] كتاب الجهاد باب الجنة، ملحق مع النبوة الخاتمة-نبوة محمد-، ص89، ومعه: كتاب التيه أو الطريق إلى الله، وكتاب حاكمية الله لا حاكمية الناس، السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي واليماني الموعود، ط3/433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
[9] تنسب إلى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهي دعوة تنادي بالرجوع إلى هدي السلف، وتعتبر من الحركات الإصلاحية في العصر الحديث، وقد ولد الشيخ سنة 1115ه ببلدة العيينة القريبة من الرياض، وتلقى علومه الأولى على يدي والده دارساً شيئاً من الفقه الحنبلي والتفسير والحديث، وتوفي سنة 1206ه. انظر: الموسوعوة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، المجلد الأول، ص160(مرجع سابق).
[10] كتاب التوحيد، لليماني، ص101(مرجع سابق).
[11] المرجع نفسه، ص103(مرجع سابق).
[12] شرح العقيدة الطحاوية، تأليف: الإمام ابن أبي العز الدمشقي، ج1/207و208، حققه وعلق عليه: الدكتور عبدالله عبدالمحسن التركي، شعيب الأرنؤوط، ط2/1411ه = 1990م، مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان.
[13] صحيح البخاري، كتاب التفسير، كتاب التفسير، باب ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﮊ ، يعني زِنَة ذرة، ص1126، حديث (4581)، مجلد واحد، الطبعة الأولى سنة 1423ه، 2002م، دار ابن كثير، دمشق، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، ص110، حديث(229)، مجلد واحد، ط1/1419ه = 1998م، دار المغني، المملكة العربية السعودية.
[14] الإبانة عن أصول الديانة، للإمام أبي الحسن الأشعري، تحقيق: الدكتورة فوقية حسين محمود، ص49، ط1/1397ه = 1977م، نشر دار الأنصار ، عابدين-مصر.
[15] أصحاب جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة، ووافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية، ووما قاله: إن لجنة والنار تبيدان وتفنيان، وإن الإيمان هو المعرفة بالله فقط والكفر هو الجهل فقط، وأنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله وحده، وهو موافق للمعتزلة في نفي الرؤية، وإثبات خلق الكلام. انظر: مقالات الإسلاميين، ص279، وانظر: الملل والنحل، ج1/73و74.
[16] شرح العقيدة الطحاوية، ص207.
[17] السنة والشِّيَعة، محمد رشيد رضا، ص74.
(1) شيء من تفسير سورة الفاتحة، السيد أحمد الحسن، ص11.