ميزانية الأسرة .. مسؤولية مشتركة بين الزوجين
خالد سعد النجار
لا ننسى أن الأولويات تختلف من وقت إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، ومن أسرة لأخرى، طبقا لظروفها؛ لذا يجب تحديد الأولويات في ضوء الزمان والمكان وظروف كل أسرة، دون النظر أو التقليد لغيرها من الأسر.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -
عندما يدور الحديث عن اقتصاديات الأسرة، وعن إيقاف الهدر وترشيد الاستهلاك، تشير الأصابع دائماً إلى الزوجة، على أساس أنها صاحبة الحل لأنها المسئولة عن الميزانية والإنفاق. ولأنها تتحمل هذا العبء باعتبارها «وزير اقتصاد الأسرة» وكلما كانت الزوجة مدبرة ولديها قدرة للتغلب على الرغبات الاستهلاكية -خاصة غير الضرورية- استطاعت الوصول بأسرتها لبر الأمان.
· لنجاح ميزانية الأسرة لابد من وجود قاعدة بيانات صحيحة وصادقة عنها، وإمكانية فعلية لدى قطبي الأسرة لإدارة الميزانية بالشكل الصحيح .. لقد أصبح التفكير في ميزانية الأسرة ومهارة إدارتها والتحكم بإيراداتها ومصاريفها فناً من الفنون التي ينبغي للزوجين أن يتعلماه ويحرصا عليه، حتى لا تقع الأسرة في مأزق مالي ينحصر فيه رد الزوج على المتطلبات المتزايد بكلمة: «ما معي»!!
· عند وضع أي خطة للميزانية، لا بد من مشاركة جميع أفراد الأسرة أو معظمهم على الأقل، وذلك لأن المشاركة في التخطيط غالباً ما تساعد على إنجاح أي خطة، وتضع الجميع في موضع المسئولية، وتتضح كذلك المبررات لمعظم التصرفات، وفي حالة الأزمات المالية يكون هناك نوع من التراضي والتفاهم فيما يمكن الاستغناء عنه لمواجهة الأزمة.
· لا ينبغي للزوجين أن يكون همهما المال فقط، فتنقلب علاقتهما من مودة ورحمة إلى محاسبة مالية وتدقيق، ولهذا فعلى قدر ما تكون الأهداف واضحة بين الزوجين والمصارحة موجودة بقدر ما تنعم العائلة وتستمر.
· لا ننسى أن الأولويات تختلف من وقت إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، ومن أسرة لأخرى، طبقا لظروفها؛ لذا يجب تحديد الأولويات في ضوء الزمان والمكان وظروف كل أسرة، دون النظر أو التقليد لغيرها من الأسر. وبعبارة أخرى: ينبغي إعادة النظر في نفقات الأسرة وترتيب أولويتها بما هو ضروري وما هو ترفيهي، بحيث يستوفي الضرورات أولا، ثم تكون الأولوية بعد ذلك للكماليات حسب ما تسمح به ميزانية الأسرة.
· يجب أن يتفق كلا من الزوج والزوجة على تحديد الأولويات والأهداف الاقتصادية لحياتهما الأسرية، فيجب أن يكون هناك هدف طويل الأجل، ومجموعة أهداف قصيرة الأجل، ويجتمع كل من الزوجين على الاتفاق على هذه الأهداف، ثم يبدآن في تبني تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي سيعيد كلا من الزوجين النظر في حياته وتصرفاته الأسرية قبل الزواج، ويرتبا الأولويات وفقا للحياة والأهداف الجديدة.
· من المهم عند أي عملية شراء أن نحدد هدفنا من هذه العملية، واضعين نصب أعيننا أن الغرض الرئيسي هو «تحقيق السعادة»، وأن السعادة التي ننشدها جميعا ليست بشراء كل ما هو غالي الثمن الذي يضغط على ميزانية الأسرة، وبالأخص إذا كانت مشتريات كمالية أو أساسية ولها بدائل أخرى .. علينا أن نربط قرار الشراء بالمنفعة من السلعة المراد شراؤها، وأن ننظر للبدائل الأخرى المتاحة بشيء من الحكمة والموضوعية.
· الترشيد مطلب ضروريّ لكل الأسر، ويجب أن يُربّى الأبناء على ذلك؛ لأن متطلبات الحياة كثيرة ولا تنتهي، فمن المهم أن يبتعد الزوجان بشكل أساسي عن الاستهلاك المظهري، وأن يتخذا قرارهما بالإنفاق من عدمه حسب أولوياتهما وليس حسب ما يفرضه الآخرون، وأن ينصرفا عن شراء ما لا يحتاجانه حتى لو كان رخيص الثمن أو من السهل الحصول عليه، ومهما كانت المغريات من خلال البرامج الإعلانية والتسويقية التي تقتحم على الناس بيوتهم عبر منافذ كثيرة. وفي الحكمة «ما عال من اقتصد» في المعيشة، أي: ما افتقر من أنفق فيها قصداً ولم يتجاوز إلى الإسراف، أو ما جار ولا جاوز الحد. والمعنى إذا لم يبذر بالصرف في معصية اللّه ولم يقتر فيضيق على عياله ويمنع حقاً وجب عليه شحاً وقنوطاً من خلف اللّه الذي كفاه المؤمن. قال في الإحياء: نعني بالاقتصاد الرفق بالإنفاق وترك الخرق فمن اقتصد فيها أمكنه الإجمال في الطلب، ومن ثم قيل: صديق الرجل قصده وعدوه سرفه. وقيل: لا خير في السرف ولا سرف في الخير. وقيل: لا كثير مع إسراف.[فيض القدير للمناوي]
· الإعلانات سلاح ذو حدين، بعضها يساعد على وجود بدائل كثيرة تسهل الاختيار بما يناسب دخل الأسرة، وبعضها يقضي على الميزانية تحت هوس الشراء لكل ما هو جديد! فينبغي الحذر ولا نبتلع الطعم بسذاجة.
· الادخار هو صمام الأمان لكل أسرة، والادخار له عدة فوائد مهمة وجوهرية، منها أنه المساند - بعد الله عز وجل - في كثير من الأزمات، والثاني: أن تلبية أي طلب جديد أو تجديد أي من الأثاث أو المنزل أو السيارة أو الأجهزة لن يكون إلا عبر هذا المال المدخر، وأمر آخر مهم جدًا وهو أن رفع مستوى دخل الأسرة المادي لن يتم إلا من خلال الادخار ومحاولة استثمار هذا المال المدخر بصورة ما، مما يتيح للأسرة فرصة تنمية مواردها ورفع مستواها، والادخار من أسهل ما يكون في بداية الحياة الزوجية حيث تقل النفقات نظرًا لقلة عدد أفراد الأسرة وكذلك لأن معظم مكونات المنزل تكون جديدة، مما يوفر بند التجديد والإصلاحات من الميزانية.
· أخطر ما يدمر الميزانية الأسرية الاعتماد في شراء الحاجات اليومية من السوبر ماركت بنظام الحساب المفتوح والتسديد آخر الشهر، فهذه الطريقة تجعل الفرد يستهلك أكثر من المبلغ المخصص له، لأنها غالبا ما تكون من غير ضوابط.
· قبل البدء في شراء المواد الغذائية عليك عزيزتي الزوجة بالتفكير أولا في: مدى حاجتك لهذه السلعة؟ وما هي القيمة الغذائية التي ستفيدك وأسرتك منها؟ وهل هي من الأنواع المرغوبة لدى أفراد الأسرة؟ ومدة الصلاحية للمنتج؟ .. فالعصائر الطازجة والألبان محدودة الصلاحية -مثلا- لا ينبغي زيادة الكمية المشتراة عن حاجة يوم أو يومين على أكثر تقدير، بعكس السلع التي يمكن تخزينها كالأرز والمعكرونة، ومن الأفضل إعداد قائمة بالمواد التي تريدين شراءها في المنزل قبل الذهاب للسوق، وذلك تجنباً لشراء مواد قد لا تحتاجين إليها، وإذا دعتك نفسك إلى شراء مادة غير مكتوبة في القائمة، فيمكنك ذلك على أن تلغي مادة موجودة في القائمة بدلا منها.
· إن وجدت أكثر من علامة تجارية لنوع معين من المنتجات فقارني بين الأسعار وكمية أو وزن المحتوى، وعندئذ يمكنك أن تشتري المنتج الذي يحتوي على كمية أكبر وسعر معقول ومقبول لميزانية الأسرة.
· ابتكري طرقا جديدة للاقتصاد في المصروفات: كأن تتحري أوقات الأوكازيونات والشراء من تجار الجملة من أجل الاستفادة من الخصومات على الأسعار. الاعتماد على العبوات ذات الحجم الاقتصادي لاستخدامها طوال الشهر. في إقامة العزائم والحفلات الخاصة احرصي على تقليل الكمية وتكثير النوعية.
· حذار من اللجوء إلى حل الأزمات المالية بطرق سلبية تزيد من إغراق الأسرة في المشاكل طويلة الأمد. ومن أهم مظاهر هذا السلوك السلبي: الاعتماد على الاقتراض، أو الاعتماد على منح الأقارب خاصة الوالدين، أو استمرار الأسرة في إتباع أسلوب البذخ في المصروفات والمعيشة. وفي الوقت نفسه عدم التخلي عن العادات والتقاليد التي تدعو إلى الإسراف والاهتمام ببعض المظاهر الاجتماعية الجوفاء لمجرد تقليد الآخرين.