من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (16)
سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).
ونظل للأقصى فداء:
انتهى إبعادي الرابع الذي كان لمدة 3 أشهر مرّت وكأنها 30 عاماً، عدتُ للأقصى بمشاعر تختلط بين الفرحة والخوف من الإبعاد مجدداً والضيق من سياستهم اللعينة في محاولات إذلالنا.
في يومي الثالث بعد عودتي للأقصى، فكرت أن آخذ إفطاراً وعصير برتقالٍ وقهوة لأخواتي المبعدات، انتظرت موعد انتهاء الإقتحام وتوجهتُ إليهنّ لباب السلسلة وأنا أفكر بقسوة الإبعاد، ولا ينفكّ من ناظري مشهد الاعتداء الوحشيّ على الحاجة "أم حسام" وإلقائها عن الدرج في ذلك اليوم الشبيه بمعركةٍ حقيقية.
حين رأيتُ مشهد رميها على الأرض من أعلى الدرج تألّمت حقاً، وظننتُ أنّها لن تتمكن من العودة للأقصى لمدة طويلة خاصة وأنها تعاني من آلامٍ في قدمها تسببت بعرجةٍ في قدمها لأتفاجأ بها في صباح اليوم التالي قد تخطت كل الحواجز بعرجتها بعد أن انتقلت عرجتها لقدمها الأخرى وهي تقول: سأجرّ نفسي للأقصى جراً لو لم أستطع المشي إليه.
وصلت الأخوات المبعدات وتناولنا إفطارنا في جوّ مشحونٍ بالألفة والنقاء، وكأنّ الله يريدُ لي أن أتغذى بإفطاري هذا على اليوم القاسي الذي ينتظرني، فما هي إلّا لحظات حتى أوقفني على درج باب السلسلةٍ جنديّ يخبرني أنني موقوفة!
بُهِتُّ لهذه الكلمة وأخبرته بحدّةٍ أنني لم أعد للأقصى إلا من يومين ودخلنا في جدالٍ حادّ حتى جاء على صوتي مجموعةٌ كبيرة من المجندين والضباط اقتادوني لمركز بيت الياهو رغماً عني ليتم الاعتداء عليّ بوحشيةٍ وضربي على يد مجنّدٍ جبان، وهو يخبرني أنهم سيقتادون كلّ نساء القدس ويعتقلوهنّ.
تمّ احتجازي في مركز بيت الياهو لمدة 3 ساعات تقريباً ثمّ خرجت ليتم تحويلي للسجن لأجد إحدى طالباتي كانت بانتظاري وقد فوجئت باعتقالي بعد أن كانت قد أحضرت كعكةً لتهنئني بعودتي للأقصى.
اقتربت مني إحدى الأخوات في تلك اللحظة لتهمس بأذني أنه خلال فترة احتجازي تمّ اعتقال عدد كبير من موظفي المؤسسة في الداخل الفلسطيني لأدركَ أننا على أعتاب مرحلةٍ جديدة من سياسة الفتك والبطش للاحتلال، ابتسمتُ لها ابتسامةً هادئة وكأني أذكر نفسي وأذكرها أننا "كلنا للأقصى فداء"
ثمّ هبطت الدرج متوجهةً لبوسطة السجن ليتم استكمال التحقيق معي هناك..
يتبع...