عن إبراهيم وآل إبراهيم.. (7)
إن إقامة الصلاة وإقامة الشعائر ودوران الحياة حول هذا الدين هو درب إبراهيم وآل إبراهيم.
الصلاة التي تقام لها المدن وينشأ لها العمران:
لم تكن الصلاة عند ابراهيم وآل ابرهيم أمرا هامشيا في حياتهم؛ بل كانت بحيث تقوم لها مدن وتنشأ لها قرى وتبنى لها ممالك وبلدان {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ...} فمن أجل هذه الشعيرة وضع أهله وولده آملا أن تهوِي اليهم أفئدة وتحبهم قلوب وتشتاق الى زيارتهم نفوس، وما قام بهذا إلا من أجل إقامة شعائر هذا الدين..
هذا محل الشعائر عند إبراهيم وآله؛ فانظر كيف منزلتها في القلوب وكيف مكانتها في النفوس وكيف مساحتها في الحياة..
ومعنى إقامتها يشمل الأداء فرديا، والاجتماع من أجلها.. ويشمل التعظيم، ويشمل فرضيتها ومنع انتهاك حرمتها بمنع الجهر بتركها، ويشمل تنظيم الأوقات من أجلها وتنظيم الأعمال والتجارات والوظائف والدراسة وأعمال الحكومات على وفقها وعلى احترامها، ومنع المستهتر بشأنها من استهتاره أو توانيه، ويشمل رصد الأموال والمؤذنين والأئمة، ويشمل رصد الجند من أجلها..
لقد نشأت مكة مع إبراهيم من أجل هذا الهدف {رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ...}
والمدينة في الإسلام لا يكون مركزها صالات الرقص وأندية الترفيه؛ بل ما يقيم الشعيرة من المسجد الجامع فهو قلب المدينة، وما يقيم أحكام الله من إدارات حاكمة من حاكم ومحافظ ليكونوا مسؤولين عن إقامة الدين وإصلاح الحياة به، وإقامتهما معا، للخلق جميعا..
وكثيرا ما يأتي في كتاب الله وفي حديث رسول الله إقامة الصلاة تعبيرا عن إقامة الدين ذاته، لعظم شأنها وظهور أمرها ولأنها علامة الانقياد وعنوان لقبول الشرائع { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} ..
إن إقامة الصلاة وإقامة الشعائر ودوران الحياة حول هذا الدين هو درب إبراهيم وآل إبراهيم.. فصلى الله عليه وعلى نبينا محمد، وعلى الكليم موسى والمسيح عيسى، وعلى جميع المرسلين..
- التصنيف: