عن إبراهيم وآل إبراهيم.. (9)
مدحت القصراوي
جب أن نبحث عن نفوسنا وديننا، وجديتنا وصدقنا، وممارستنا لهذا الدين وتذوقنا له حتى ننقل ذلك التذوق والانطباع الى الزوج والولود لمن حولنا وللأمة بل والبشرية، صِدْق الاصطباغ بهذا الدين لننقل تلك الصبغة ويتسع تأثيرها.
- التصنيفات: قصص الأنبياء - ملفات الحج وعيد الأضحي -
عن إبراهيم وآله، ويعقوب وآله.. وأُسرتنا وصدْقنا:
كانت لقاءات ابراهيم باسماعيل بعد ما تخطى مرحلة الرضاع محدودة، بل ومعدودة؛ عدها أهل السير وعلماء التاريخ.
لكن كانت انطباعات اسماعيل بأبيه عميقة جدا، وأثر في تربيته وتكوينه تأثيرا عميقا جدا..
عاشت هاجر مع ابراهيم فترة معينة لكنها ليست طويلة بل انتقلت مع ابنها الى مكة المكرمة ونشأ من ذريتها (أبناء اسماعيل) العرب بعد ذلك.. لكن في فترة حياتها مع إبراهيم كان تأثرها به عميقا؛ فبعد فترة وثنيتها في مصر، أصبحت زوجة لنبي رسول، وصلح حالها لأن أصبحت تربي نبيا رسولا..!
كيف تأثرت هاجر وكيف انطبعت بابراهيم وكيف كان تأثيره عليه السلام في قلبها وقلب ولده؟
الإجابة هنا تعرفك معنى الصدق وجدية أخذهم لهذا الدين وانتقال أثر صدقهم لمن حولهم من زوج وولد وصاحب وجار وكل من عاشرهم وخالطهم..
كم عاش يوسف مع يعقوب؟ ومتى تركه؟ تركه غلاما ذا سنين معدودة.. لكن بقيت تلك التربية في نفسه ومأخذه حتى قال وهو في السجن (واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحاق ويعقوب، ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء، ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون).
كيف انطبع يوسف في سنه الصغيرة واستمر هذا التأثر والانطباع عميقا وجادا في نفسه؟ وكيف استمر نفس الانطباع في نفس اسماعيل عميقا وجادا؟ وكيف نشأ كل منهما نبيين رسولين ينموان محتفظين بتلك التركة ويرعيان تلك البذرة وتثمر فيهما تلك التربية وتدوم تلك الانطباعات ويتجذر ذلك التأثر؟
نعم إنهما نبيان كريمان، رباهما الله تعالى تحت عينه، ولكن الله تعالى سبّب لهما ذلك التأثير، كُلّا في بيته، وجعل تعالى لهذا التأثير دواما وجذورا في قلبيهما.. بسبب الصدق العميق لإبراهيم ويعقوب، حتى كان لتلك الفترة البسيطة من الاحتكاك بابنيهما ذلك الأثر الممتد بلا انقطاع..
يجب أن نبحث عن نفوسنا وديننا، وجديتنا وصدقنا، وممارستنا لهذا الدين وتذوقنا له حتى ننقل ذلك التذوق والانطباع الى الزوج والولود لمن حولنا وللأمة بل والبشرية، صِدْق الاصطباغ بهذا الدين لننقل تلك الصبغة ويتسع تأثيرها..
يجب أن ننظر في تاثر أبنائنا بنا وأن نرى فيهم حقيقتنا وصورتنا الواضحة.
أما مجرد الإحالة السهلة بأننا جيدون وأن أبناءنا سيئون ولا تنجع فيهم التربية فهذا تبسيط وتسطيح وإهمال لجانب مهم يجب مراجعته قبل أن نقرر أن العيب ليس فينا بل في أبنائنا.