إصلاح و ليس هدم
مدحت القصراوي
القاعدة التي أرساها الدين أن الغلبة لجند الله والنصر لأوليائه، فلو كانت الهزيمة فليراجع الناس ما فرطوا فيه من أمْرٍ أو تعدّوا فيه من حدٍ أو أسرفوا فيه بما لم يؤذن لهم.
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -
المراجعة أن تصلح تمسكك بالمنهج لا أن تنظر فيما تبقى لتتركه..!
عقب غزوة أُحد ذكر تعالى للمسلمين سبب الهزيمة وهو ما تفلت منهم من التمسك بمنهجهم ودينهم.. وهذا هو المنهج الرباني في المراجعة والإصلاح.
شلم تكن النقطة المستهدفة هي إرضاء اباطل، ولم يكن المقياس المطلوب هو مدى البعد عن الواقع لمحاولة الصلح معه..!
بل كانت النقطة المستهدفة هي البحث والمراجعة لتحقيق أمر الله ومنهاجه، والمسافة التي تقاس هي مدى التفريط فيه، إذ إن القاعدة التي أرساها هذا الدين أن الغلبة لجند الله والنصر لأوليائه، فلو كانت الهزيمة فليراجع الناس ما فرطوا فيه من أمْرٍ أو تعدّوا فيه من حدٍ أو أسرفوا فيه بما لم يؤذن لهم.. ولهذا قال الرّبيون {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}..
عندما تقدمت جماعة الإخوان أثناء وبعد الثورة بحث الناس عن تاريخها إذ أصبحت المحظوظة بعد المحظورة، وبدأ الناس يدرسون تاريخها، لكن بعدها أصبحت المنكوبة والمحذورة، وهنا يأتي الكثير من الضغط عليهم وعلى التيار الإسلامي عموما ليبحث عن التوافق مع (أحطّ) المعطيات في الواقع المتهاوي والذي كثر سقوطه وساقطوه حتى أصبح السقوط مفزعا ومرعبا من حيث حجمه وكثرة ونوعية الساقطين المنحدرين..
كل هذا يجب معالجته لا ببحث عن رضا القوى المسيطرة.. فقد حاول هذا بعض المنهزمين عقب غزوة أُحد وحاول الاتصال بأبي سفيان، فنزلت الآيات { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} ..
ثمة سلوك يعقب الاهتزازت على الأرض.. وهنا يذكّر الله تعالى، ونذكّر بأمره تعالى، أن طريق المراجعة هو النظر فيما فرّطنا من المنهج، لا فيما بقي منه وكيفية التنكر له والخروج من أعبائه..!
إنهما منهجان يفترقان بعد ذلك كثيرا.. في الدنيا وفي الآخرة.