استمرار البناء مع رد سهام الأعداء
إن حال الأمة الإسلامية الآن يشبه حال صاحب قلعة كانت حصينة منيعة، أهمل حراستها وصيانتها، فسقطت كثير من أسوارها بفعل الأعداء تارة، وبفعل أصحاب هذه القلعة تارات أخرى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
إن حال الأمة الإسلامية الآن يشبه حال صاحب قلعة كانت حصينة منيعة،
أهمل حراستها وصيانتها، فسقطت كثير من أسوارها بفعل الأعداء تارة،
وبفعل أصحاب هذه القلعة تارات أخرى.
وعندما أفاق أصحاب هذه القلعة من غفوتهم، وقامت الصحوة الإسلامية
المباركة تعيد بناء ما تهدم من أسوار هذه القلعة الحصينة، إذا بالقائد
الأعلى لأعداء الأمة إبليس، ينادي في أتباعه رغم اختلافهم وتناحرهم أن
يتركوا المناوشات التي بينهم، ليتفرغوا لإعاقة استكمال هذا البناء،
الذي جربوا بأسه وبأس أصحابه يوم كان بناء شامخا عاليا، ولو ترك حتى
يبلغ ذلك المبلغ فسوف تتكسر جميع السهام على جدرانه الحصينة، إذا
فلابد من أن توجه السهام الآن، وبأكبر كثافة ممكنة، لعلها تفرق
البنائين أو على الأقل تصرف همتهم في البناء إلى رد السهام.
فماذا ينبغي على بناة الأمة عمله ؟
إن استمروا في البناء دون التفات لهذه السهام ربما كان معدل الهدم
أعلى من معدل البناء، كما قال القائل:
فمتى يبلغ البناء تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم؟
وإن انشغلوا برد هذه السهام عن البناء يكونوا بذلك قد قدموا لعدوهم
مراده، فما الحل إذن؟
إنه التوكل على الله، والثقة بنصر الله، واستنفار الجهود ومضاعفة
جهود البناء كما وكيفا، لتستطيع الأمة أن تجمع بين التخلية والتربية،
أو بين البناء ورد سهام الأعداء، أو بين الولاء والبراء، أو بين النفي
والإثبات، وكلها عبارات مترادفة، ما هي إلا ترجمة لعنوان الدخول في
الإسلام (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهي مصداق قوله تعالى:
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا
انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:من الآية
256]
فيا دعاة الإسلام وبناة حصن الأمة الحصين، أمامكم كثير من المخاطر
وتلقى عليكم كثير من السهام مثل التنصير، حركات الردة البهائية
وغيرها، العلمانية، التغريب، الفواحش، حب الدنيا، الخمر، المخدرات،
الغناء والموسيقى، الفضائيات.
وأمامكم كثير من مراحل البناء، بناء الفرد المسلم في عقيدته، في
عبادته، في أخلاقه، في معاملاته، بناء المجتمع المسلم الذي يطبق أمر
الله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: من الآية 2] والذي يشمل جميع مناحي
الحياة.
هذه هي عبودية الوقت التي متى نذرتم نفوسكم للقيام بها، لم يبق لكم
إلا أن تضموا إليها الاستعانة.
وتناجوا ربكم بصدق {إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. آمين.
13-جماد أول-1427هـ 9-يونيو-2006 م
- التصنيف: