هل تعارفنا؟
مدحت القصراوي
هذه الشعوب المتناحرة، والدول المتخاصمة ـ لا تتخاصم على حق عام، ولا على منهج سليم، إنما تتعارك على الحطام والأعراض ـ هذه. هل عرف بعضها بعضاً؟ وهي ما تكاد تفرغ من خصام حتى تدخل في خصام.
- التصنيفات: التصنيف العام - الموت وما بعده - الدار الآخرة -
هل تعارفنا أم سنُكمل التعارف يوم القيامة؟
يبدو أننا نتعارف شيئا يسيرا، ثم نكمل تعارفنا يوم نلقاه تعالى..
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.
وفي هذه الجولة الخاطفة ننظر فإذا المحشورون مأخوذون بالمفاجأة، شاعرون أن رحلتهم الدنيوية كانت قصيرة قصير، حتى لكأنها ساعة من نهار قضوها في التعارف، ثم أسدل الستار.
أو هذا مجرد تشبيه لهذا الحياة الدنيا، وللناس الذين دخلوا ثم خرجوا، كأن لم يفعلوا شيئاً سوى اللقاء والتعارف؟
إنه لتشبيه، ولكنه حق اليقين وإلا فهل ينتهي البشر في هذه الأرض من عملية التعارف؟ إنهم يجيئون ويذهبون وما يكاد أحدهم ينتهي من التعرف إلى الآخرين، وما تكاد الجماعة فيهم تنتهي من التعرف إلى الجماعات الأخرى. ثم يذهبون.
وإلا فهل هؤلاء الأفراد الذين يتنازعون ويتعاركون ويقع من سوء التفاهم بينهم وبين بعضهم في كل ساعة ما يقع.. هل هؤلاء تم تعارفهم كما ينبغي أن يكون؟
وهذه الشعوب المتناحرة، والدول المتخاصمة ـ لا تتخاصم على حق عام، ولا على منهج سليم، إنما تتعارك على الحطام والأعراض ـ هذه. هل عرف بعضها بعضاً؟ وهي ما تكاد تفرغ من خصام حتى تدخل في خصام.
إنه تشبيه لتمثيل قصر الحياة الدنيا.
ولكنه يصور حقيقة أعمق فيما يكون بين الناس في هذه الحياة.. ثم يرحلون!... سيد قطب.. في ظلال القرآن.